فلا يقوم حجة، وقد سبق ما فيه كفاية عند ذكره الاستلزام فلا يتم مطلوبه.
(ورابعا) أن حل التناول من الجائر مطلقا لو ثبت لم يستلزم حل الأخذ ابتداء فلا يحل غرضه إذ غرضه حل الخراج مطلقا، ولا دلالة عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع بل ولا قول من يعتمد عليه من الأصحاب، ألا ترى أنه استدل بالاتفاق المستند إلى عبارات الأصحاب ولم يذكر عبارة يدل على ذلك أصلا بل في بعضها ما يدل على العدم كقول الشهيد في آخر عبارته " وكما يجوز الشراء يجوز سائر المعاوضات والهبة والصدقة والوقف ولا يحل تناولها بغير ذلك " (1) فسقط كلامه بالكلية.
ولنرجع إلى تحقيق كلام الأصحاب في الباب تبرعا وقصدا لإبانة الحق ومن الله تعالى نسأل الإسناد بإلهام الصواب والسداد والتمسك بسبيل الرشاد فنقول:
لا شك ولا خفاء في أن الأصحاب ذكروا جواز ابتياع ما يأخذه السلطان الجائر باسم المقاسمة وباسم الزكاة من الأراضي والأنعام، ولا شبهة أن ذلك ليس من حيث الاستحقاق منه لذلك لا للعين المأخوذة ولا لجواز الأخذ بل هو ظلم، كما لا شبهة أن هذه المسألة لا تعلق لها بحل الخراج وعدم حله لأن الزكاة من الأنعام، والغلات لا تعلق لها بذلك بوجه من الوجوه، وقد أجازوا فيها ذلك مع أنها ظلم وغصب فلو كانت العلة حل الخراج لاختص الحكم به، ولم يخصه به أحد فيما علمته، ومن ذكر ذلك ذكره غالبا في باب المكاسب وذكر أنه يجوز ابتياع ما يأخذه الجائر من الزكاة والأرض.
بل لنا أن نقول: إن أخذ الظالم الخراج من الأرض باسم المقاسمة غصب وظلم، إذ لا يلزم من استحقاق المسلمين له جواز أخذه لغير واليهم، ولا جواز قسمته بحيث يبعث ما أخذه لهم لأن قسمة غير الوالي غير معتبرة، ألا ترى أنهم