يدل على ابتياع الطعام على جهة العموم وليس فيه تصريح بأن الابتياع من الجائر ولو سلم، فنحن لا نمنع من جواز ابتياع ما يأخذه باسم الخراج. فإن قيل:
يدل من حيث عمومه، قلنا: قد ثبت إن شرط صحة الابتياع كون البيع حلالا فالخراج إن كان حلالا جاز ابتياعه وإلا فلا، ولا دلالة في الخبر على أن الخراج حلال كما لا يخفى فإن معاملة الغاصب والابتياع منه وإن كان أكثر أمواله غصبا جائز لعموم الكتاب والسنة، ولا يدل على ما في يده من الغصب، وهذا واضح.
وقوله: " وقد احتج به العلامة " ليس بشئ لأنا بينا عدم دلالة الخبر وقد يظهر نكتة استدلال العلامة فيما نحققه إن شاء الله تعالى.
قوله: ومنها ما رواه أيضا في الصحيح عن جميل بن صالح قال: أرادوا بيع تمر عين أبي زياد فأردت أن أشتريه ثم قلت: حتى أستأذن أبا عبد الله عليه السلام فأمرت مصادفا، فسأله فقال قل له: يشتريه، فإن لم يشتره اشتراه غيره. (1) قلت: قد احتج بهذا الحديث لحل ذلك العلامة في المنتهى (2) وصححه. (3) أقول: الجواب عن هذا كالجواب عن الخبر السابق، فإنه لا دلالة فيه على موضع النزاع بل على ابتياع مال الظالم، ونحن لا نمنعه بل نكرهه.
قوله: لكن قد يسأل عن قوله " فإن لم يشتره اشتراه غيره.. الخ "، وحاصله أن الحل مختص بمن ليس له دخل في قيام دولة الجور ونفوذ أوامرها وفق شوكتها وهو معنى لطيف في زعمه. (4) أقول: هذا خلاف ما أصله من أن الخراج لجميع المسلمين فإنه إذا لا يفترق