المضجع، وضمكم ذلك المستودع، فكيف بكم لو قد تناهت الأمور، وبعثرت القبور (1) وحصل ما في الصدور، ووقعتم للتحصيل (2) بين يدي الملك الجليل فطارت القلوب لاشفاقها من سالف الذنوب، وهتكت منكم الحجب والأستار، و ظهرت منكم الغيوب والاسرار، هنالك تجزى كل نفس بما كسبت إن الله يقول:
" ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ".
اغتنموا أيام الصحة قبل السقم، والشيبة قبل الهرم، وبادروا التوبة قبل الندم، ولا يحملنكم المهلة على طول الغفلة، فان الأجل يهدم الامل، والأيام موكلة بنقص المدة، وتفريق الأحبة، فبادروا رحمكم الله بالتوبة قبل حضور النوبة، وبرزوا للغيبة التي لا ينتظر معها الاوبة (3) واستعينوا على بعد المسافة بطول المخافة، فكم من غافل وثق لغفلته، وتعلل بمهلته، فأمل بعيدا وبنى مشيدا، فنقص بقرب أجله بعد أمله، فاجأته منيته بانقطاع أمنيته، فصار بعد العز والمنعة والشرف والرفعة مرتهنا بموبقات عمله (4) قد غاب فما يرجع، وندم فما انتفع، وشقي بما جمع في يومه وسعد به غيره في غده، وبقي مرتهنا بكسب يده ذاهلا عن أهله وولده، لا يغني عنه ما ترك فتيلا (5) ولا يجد إلى مناص سبيلا.
فعلى م عباد الله التعرج والدلج (6) وإلى أين المفر والمهرب؟ وهذا الموت