بيان: قوله عليه السلام (1) 3 - العدد (2) من وصية أمير المؤمنين عليه السلام لولده الحسن عليه السلام: كيف وأنى بك يا بني إذا صرت في قوم صبيهم غاو، وشابهم فاتك، وشيخهم لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر، وعالمهم خب مواه (3) مستحوذ عليه هواه، متمسك بعاجل دنياه أشدهم عليك إقبالا يرصدك بالغوايل، ويطلب الحيلة بالتمني، ويطلب الدنيا بالاجتهاد، خوفهم أجل، ورجاؤهم عاجل، لا يهابون إلا من يخافون لسانه و [لا يكرمون إلا من] يرجون نواله، دينهم الربا، كل حق عندهم مهجور، يحبون من غشهم ويملون من داهنهم، قلوبهم خاوية، لا يسمعون دعاء، ولا يجيبون سائلا، قد استولت عليهم سكرة الغفلة، إن تركتهم لم يتركوك، وإن تابعتهم اغتالوك، إخوان الظاهر و أعداء السرائر، يتصاحبون على غير تقوى، فإذا افترقوا ذم بعضهم بعضا، تموت فيهم السنن، وتحيى فيهم البدع، فأحمق الناس من أسف على فقدهم، أوسر بكثرتهم، فكن عند ذلك يا بني كابن اللبون لا ظهر فيركب، ولا وبر فيسلب، ولا ضرع فيحلب، فما طلابك لقوم إن كنت عالما عابوك، وإن كنت جاهلا لم يرشدوك، وإن طلبت العلم قالوا: متكلف متعمق، وإن تركت طلب العلم قالوا: عاجز غبي (4) وإن تحققت لعبادة ربك قالوا: متصنع مراء، وإن لزمت الصمت قالوا: ألكن، وإن نطقت قالوا:
مهذار، وإن أنفقت قالوا: مسرف، وإن اقتصدت قالوا: بخيل، وإن احتجت إلى ما في أيديهم صارموك (5) وذموك، وإن لم تعتد بهم كفروك، فهذه صفة أهل زمانك