يدع ما لا بأس به حذارا عما به البأس. إنه من خاف البيات أدلج ومن أدلج (1) المسير وصل، وإنما تعرفون عواقب أعمالكم لو قد طويت صحايف آجالكم، أيها الناس إن نية المؤمن خير من عمله، ونية الفاسق شر من عمله.
الثامن: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من انقطع إلى الله كفاه كل مؤونة، ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها، ومن حاول أمرا بمعصية الله كان أبعد له مما رجا وأقرب مما اتقى، ومن طلب محامد الناس بمعاصي الله عاد حامده منهم ذاما، ومن أرضى الناس بسخط الله وكله الله إليهم، ومن أرضى الله بسخط الناس كفاه الله شرهم، ومن أحسن ما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن أحسن سريرته أصلح الله علانيته، ومن عمل لاخرته كفى الله أمر دنياه.
التاسع: عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رحم الله عبدا تكلم فغنم، أو سكت فسلم. إن اللسان أملك شئ للانسان، ألا وإن كلام العبد كله عليه إلا ذكر الله تعالى أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو إصلاح بين المؤمنين، فقال له معاذ بن جبل: يا رسول الله أنؤاخذ بما نتكلم؟ فقال: وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم، فمن أراد السلامة فليحفظ ما جرى به لسانه وليحرس ما انطوى عليه جنانه، وليحسن عمله وليقصر أمله، ثم لم يمض إلا أيام حتى نزلت هذه الآية " لا خير في كثير من نجويهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " (2).
العاشر: عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تسبوا الدنيا فنعمت مطية المؤمن، فعليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر، إنه إذا قال العبد:
لعن الله الدنيا قالت الدنيا: لعن الله أعصانا لربه. فأخذ الشريف الرضي بهذا المعنى فنظمه بيتا:
يقولون الزمان به فساد * فهم فسدوا وما فسد الزمان