وتنكرت معارف صورنا، وطالت في مساكن الوحشة إقامتنا، ولم نجد من كرب فرجا، ولا من ضيق متسعا.
فلو مثلتهم بعقلك أو كشف عنهم محجوب الغطاء لك، وقد ارتسخت أسماعهم بالهوام فاستكت، واختلجت (1) أبصارهم بالتراب فخسفت، وتقطعت الألسنة في أفواههم بعد دلاقتها (2) وهمدت القلوب في صدورهم بعد يقظتها (3) وعاث في كل جارحة منهم جديد بلى سمجها (4) وسهل طرق الآفة إليها مستسلمات، فلا أيد تدفع ولا قلوب تجزع لرأيت أشجان قلوب وأقذاء عيون، لهم من كل فظاعة صفة حال لا تنتقل، وغمرة لا تنجلي (5) فكم أكلت الأرض من عزيز جسد وأنيق لون كان في الدنيا غذي ترف (6) وربيب شرف، يتعلل بالسرور في ساعة حزنه، ويفزع إلى السلوة إن مصيبة نزلت به، ضنا بغضارة عيشه، وشحاحة بلهوه ولعبه (7) فبينا هو يضحك إلى الدنيا وتضحك