بالمنع فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك مع أن أكثر حاجات الناس إليك مالا مؤونة عليك فيه من شكاية مظلمة أو طلب إنصاف. فانتفع بما وصفت لك واقتصر فيه على حظك ورشدك إن شاء الله.
ثم إن للملوك خاصة وبطانة فيهم استئثار وتطاول وقلة إنصاف (1) فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك الأشياء، ولا تقطعن لاحد من حشمك ولا حامتك قطيعة (2) ولا تعتمدن في اعتقاد عقدة تضر بمن يليها من الناس في شرب أو عمل مشترك يحملون مؤونتهم على غيرهم فيكون مهنأ ذلك لهم دونك وعيبه عليك في الدنيا والآخرة (3) عليك بالعدل في حكمك إذا انتهت الأمور وألزم الحق من لزمه من القريب والبعيد، وكن في ذلك صابرا محتسبا، وافعل ذلك بقرابتك حيث وقع وابتغ عاقبته بما يثقل عليه منه (4) فان مغبة ذلك محمودة.
وإن ظنت الرعية بك حيفا فأصحر لهم بعذرك (5) واعدل عنك ظنونهم