ثم اعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضا إلا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض فمنها جنود الله، ومنها كتاب العامة والخاصة. ومنها قضاة العدل، ومنها عمال الانصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس (1) ومنها التجار وأهل الصناعات، ومنها طبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة وكلا قد سمي الله سهمه ووضع على حد فريضته في كتابه أو سنة نبيه صلى الله عليه وآله. وعهد عندنا محفوظ (2).
فالجنود بإذن الله حصون الرعية، وزين الولاة، وعز الدين، وسبيل الامن والخفض (3) وليس تقوم الرعة إلا بهم، ثم لأقوام للجنود إلا بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يصلون به إلى جهاد عدوهم ويعتمدون عليه ويكون من وراء حاجاتهم، ثم لا بقاء لهذين الصنفين إلا بالصنف الثالث من القضاة والعمال و الكتاب لما يحكمون من الأمور، ويظهرون من الانصاف، ويجمعون من المنافع، ويؤتمنون عليه من خواص الأمور وعوامها. ولاقوام لهم جميعا إلا بالتجار، وذوي الصناعات فيما يجمعون من مرافقهم (4) ويقيمون من أسواقهم ويكفونهم من الترفق بأيديهم مما لا يبلغه رفق غيرهم.