من دنياكم هذه بأهداب بردي هذا (1)، ولما بقي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء وكل إلى بقاء وشيك وزوال قريب، فبادروا العمل وأنتم في مهل الأنفاس، وجدة الأحلاس (2) قبل أن تأخذوا بالكظم (3) فلا ينفع الندم.
التاسع والعشرون عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
يكون أمتي في الدنيا على ثلاثة أطباق: أما الطبق الأول فلا يحبون جمع المال و ادخاره، ولا يسعون في اقتنائه واحتكاره، وإنما رضاهم من الدنيا سد جوعة وستر عورة، وغناهم فيها ما بلغ بهم الآخرة، فأولئك الآمنون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأما الطبق الثاني فإنهم يحبون جمع المال من أطيب وجوهه وأحسن سبيله، يصلون به أرحامهم ويبرون به إخوانهم ويواسون به فقراءهم، ولعض أحدهم على الرضيف (4) أيسر عليه من أن يكتسب درهما من غير حله، أو يمنعه من حقه أن يكون له خازنا إلى حين موته، فأولئك الذين إن نوقشوا (5) عذبوا وإن عفي عنهم سلموا.
وأما الطبق الثالث فإنهم يحبون جمع المال مما حل وحرم، ومنعه مما افترض ووجب، إن أنفقوه أنفقوه إسرافا وبدارا (6)، وإن أمسكوه أمسكوه بخلا و