أولئكم سلف غايتكم، وفراط مناهلكم الذين كانت لهم مقاوم العز، وحلبات الفخر ملوكا وسوقا (1) وسلكوا في بطون البرزخ سبيلا، سلطت الأرض عليهم فيه فأكلت من لحومهم، وشربت من دمائهم، فأصبحوا في فجوات قبورهم جمادا لا ينمون وضمارا لا يوجدون (2) لا يفزعهم ورود الأهوال، ولا يحزنهم تنكر الأحوال، ولا يحفلون بالرواجف، ولا يأذنون للقواصف (3) غيبا لا ينتظرون، وشهودا لا يحضرون وإنما كانوا جميعا فتشتتوا، والافا فافترقوا (4) وما عن طول عهدهم، ولا بعد محلهم عميت أخبارهم، وصمت ديارهم (5) ولكنهم سقوا كأسا بدلتهم بالنطق خرسا (6) وبالسمع صمما، وبالحركات سكونا، فكأنهم في ارتجال الصفة صرعى سبات (7) جيران لا يتأنسون، وأحباء لا يتزاورون، بليت بينهم عرى التعارف، وانقطعت منهم أسباب
(٤٣٣)