بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٤ - الصفحة ٣١٧
الانعام ما لا تنفده مطالب الأنام، لأنه الجواد الذي لا يغيضه سؤال السائلين (1) ولا يبخل إلحاح الملحين.
ومنها:
لا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين، هو القادر الذي إذا ارتمت الأوهام (2) لتدرك منقطع قدرته، وحاول الفكر المبرء من خطر الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته (3) وتولهت القلوب إليه لتجري في كيفيات صفاته، وغمضت (4) مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصفات لتنال علم ذاته ردعها وهي تجوب مهاوي سدف الغيوب، متخلصة إليه سبحانه (5) فرجعت إذ جبهت معترفة بأنه لا ينال بجور الاعتساف كنه معرفته (6) ولا يخطر ببال أولى الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته، الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله، ولا مقدار

(1) أي لا يغيضه، من أغاضه الله. وفى بعض نسخ النهج المخطوطة " يغيظه ". والح في السؤال أي بالغ فيه.
(2) ارتمت الأوهام أي ذهبت أمام الأفكار. وارتمى مطاوع رمى يقال: رماه فارتمى الصيد رماه، ارتمت به البلاد: أخرجته. والأوهام خطرات القلب. ومنقطع قدرته أي موضع الانقطاع.
(3) المراد بملكوته عزه وسلطانه. وتولهت أي اشتدت عشقها وحنت إليه.
(4) غمض الشئ - بفتح الغين المعجمة - أي خفى مأخذه، ومداخل العقل طرق الفكر.
(5) أي ردها، والجملة جزاء للشرط السابق قوله " إذا ارتمت "، والضمير المنصوب راجع إلى الأوهام وغيرها. والواد للحال. وتجوب أي تقطع. والمهاوي جمع مهواة وهي الحفرة أوما بين الجبلين ويراد بها المهلكة. والسدف جمع سدفة وهي القطعة من الليل المظلم. ومتخلصة أي متوجهة؟؟ إليه. وجبهه كمنعه - أي ضرب جبهته.
(6) الجور: العدول عن الطريق، والاعتساف قطع المسافة على غير جادة معلومة والمراد بجور اعتسافها شدة جولانها في ذلك الملك الذي لا جادة له ولا يفضى إلى المقصود.
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»
الفهرست