" إلا من خطف الخطفة " الخطف الاختلاس، والمراد اختلاس كلام الملائكة مسارقة، و " أتبع " بمعنى تبع، و " الشهاب " ما يرى كوكبا انقض، وما قيل إنه بخار يصعد إلى الأثير فيشتعل فتخمين إن صح لم يناف ذلك، إذ ليس فيه ما يدل على أنه ينقض من الفلك، ولا في قوله تعالى " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين " فإن كل نير يحصل في الجو العالي فهو مصباح لأهل الأرض وزينة للسماء من حيث إنه يرى كأنه على سطحه، ولا يبعد أن يصير الحادث لما ذكر في بعض الأوقات رجما للشياطين يتصعد إلى قرب الفلك للتسمع، وما روي أن ذلك حدث بميلاد النبي صلى الله عليه وآله إن صح فلعل المراد كثرة وقوعه أو مصيره دحورا، واختلف في أن المرجوم يتأذى به فيرجع أو يحرق به لكن قد يصيب الصاعد مرة وقد لا يصيب كالموج لراكب السفينة، ولذلك لا يرتدعون [عنه] رأسا. ولا يقال:
إن الشيطان من النار فلا يحترق، لأنه ليس من النار الصرف كما أن الانسان ليس من التراب الخالص، مع أن النار القوية إذا استولت على الضعيفة استهلكتها.
" ثاقب " أي مضئ كأنه يثقب الجو بضوئه.
" أنزل من السماء ماء " قال الرازي: وهو المطر، وقيل: كل ماء كان في الأرض فهو من السماء، ثم إنه تعالى ينزله إلى بعض المواضع ثم يقسمه " فسلكه ينابيع في الأرض " أي فأدخله ونظمه ينابيع في الأرض عيونا ومسالك ومجاري كالعروق في الأجسام " ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه " من خضرة وحمرة وصفرة وبياض وغير ذلك، أو مختلفا أصنافه من بر وشعير وسمسم " ثم يهيج " وذلك لأنه إذا تم جفافه جاز له أن ينفصل من منابته وإن لم تتفرق أجزاؤه، فتلك الأجزاء كأنها هاجت للتفرق " ثم يصير حطاما " فتاتا (1) " إن في ذلك لذكرى: يعني أن من شاهد هذه الأحوال في النبات علم أن أحوال الحيوان والانسان كذلك، وأنه وإن طال عمره فلا بد له من الانتهاء إلى أن يصير مصفر اللون منحطم الأعضاء والاجزاء، ثم