المنزلون " بقدرتنا. " جعلناه أجاجا " أي مالحا " فلولا تشكرون " أمثال هذه النعم الضرورية (1). " لأسقيناهم ماء غدقا " أي لوسعنا عليهم الرزق، وتخصيص الماء الغدق وهو الكثير بالذكر لأنه أصل المعاش والسعة، وعزة وجوده بين العرب (2).
أقول: سيأتي تفسير باقي السورة في باب الجن، وفيه ما يناسب هذا الباب.
1 - تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج هشام بن عبد الملك حاجا معه الأبرش الكلبي، فلقيا أبا عبد الله في المسجد الحرام، فقال هشام للأبرش: تعرف هذا؟ قال: لا، قال هذا الذي تزعم الشيعة أنه نبي من كثرة علمه فقال الأبرش: لأسألنه عن مسألة لا يجيبني فيها إلا نبي أو وصي نبي. فقال هشام:
وددت أنك فعلت ذلك. فلقي الأبرش أبا عبد الله عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله! أخبرني عن قول الله " أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما " (3) فما كان رتقهما وما كان فتقهما؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبرش! هو كما وصف نفسه كان عرشه على الماء، والماء على الهواء، والهواء لا يحد، ولم يكن يومئذ خلق غيرهما، والماء يومئذ عذب فرات، فلما أراد أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا، ثم أزبد فصار زبدا واحدا، فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد، ثم دحى الأرض من تحته، فقال الله تبارك وتعالى: " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا (4) " ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء فلما أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور حتى أزبدتها، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير نار، فخلق منه السماء، وجعل فيها