للابتداء، والثانية للبيان. وقال البيضاوي: السماء يحتمل الفلك والسحاب وجهة العلو (1). وقال الرازي: فإن قيل: أفتقولون إن الماء ينزل من السماء على الحقيقة أو من السحاب أو تجوزون ما قاله بعضهم من أن الشمس تؤثر في الأرض فتخرج منها أبخرة متصاعدة، فإذا وصلت الجو بردت فثقلت فنزلت من فضاء المحيط إلى ضيق المركز اتصلت، فتتولد من اتصال بعض تلك الذرات بالبعض قطرات هي قطرات المطر. قلنا: بل نقول: إنه ينزل من السماء كما ذكر الله تعالى وهو الصادق في خبره، وإذا كان قادرا على إمساك الماء في السحاب فأي بعد في أن يمسكه في السماء؟ وأما قول من يقول إنه من بخار الأرض فهذا ممكن في نفسه لكن القطع بأنه كذلك لا يمكن إلا بعد القول بنفي الفاعل المختار وقدم العالم وذلك كفر، لأنا متى جوزنا أن الفاعل المختار قادر على خلق الجسم فكيف يمكننا مع إمكان هذا القسم أن نقطع بما قالوه؟ (2) (انتهى).
" فأحيى به الأرض " أي بالنبات مجازا " وبث فيها من كل دابة " قال البيضاوي: عطف على " أنزل " كأنه استدل بنزول المطر وتكون النبات به و بث الحيوانات في الأرض، أو على " أحيى " فإن الداوب ينمون بالخصب و يعيشون بالحيا، والبث النشر والتفريق (3) وقال الرازي في تصريف الرياح وجه الاستدلال أنها مخلوقة على وجه يقبل التصريف وهو الرقة واللطافة، ثم إنه سبحانه يصرفها على وجوه (4) يقع بها النفع العظيم في الانسان والحيوانات ثم ذلك من وجوه: أحدها أنها مادة النفس التي لو انقطع ساعة عن الحيوان لمات لا جرم كان وجدانه أسهل من وجدان كل شئ، وبعد الهواء الماء، لأن الماء لابد