وعميا إذ لم ينتفعوا بهذه الحواس ويقال للرجل في شئ يفعله لكنه لا يضعه موضعه:
صنعت ولم تصنع (انتهى) (1).
وإنما أوردت أكثر كلامهم في هذا المقام مع طوله واشتماله على الزوائد الكثيرة لمناسبة لما سيأتي في بعض الأبواب الآتية، ولتطلع على مذاهبهم الواهية في تلك الأبواب، وسأل شيخنا البهائي - رحمه الله - بعض أخلائه عن قول البيضاوي في تفسير هذه الآية حيث قال " وما روي من أنهما مثلا بشرين وركبت فيهما الشهوة فتعرضا لامرأة يقال لها الزهرة فحملتها على المعاصي والشرك، ثم صعدت السماء بما تعلمت منهما، فمحكي عن اليهود، ولعله من رموز الأوائل، وحله لا يخفى على ذوي البصائر " بينوا حتى نصير من ذوي البصائر، فأجاب الشيخ - رحمه الله - بعد أن أورد هذه القصة نحوا مما رواه الرازي في هذه القصة: هي ما رواه قدماء المفسرين من العامة عن ابن عباس، ولم يرتض بهذه الرواية متأخروهم وأطنب الفخر الرازي وغيره في تزييفها، وقال: إنها فاسدة مردودة غير مقبولة لوجوه ثلاثة - إلى آخر ما نقلناه من الوجوه في عرض كلامه - ثم قال: وفي كل من هذه الوجوه نظر، أما الأول فلانه لم يثبت بقاؤهما على العصمة بعد أن مثلهما الله سبحانه بصورة البشر وركب فيهما قوتي الشهوة والغضب وجعلهما كسائر بني آدم كما يظهر من القصة. وأما الثاني فلان التخيير بين التوبة والعذاب وإن كان هو الأصلح بحالهما لكن فعل الأصلح مطلقا غير واجب عليه سبحانه على مذهب هذا المفسر، بل فعل الأصلح الذي من هذا القبيل غير واجب عندنا أيضا، فإنا لا نوجب عليه سبحانه كل ما هو أصلح بحال العبد كما ظنه مخالفونا، وشنعوا علينا بما شنعوا، بل إنما نوجب عليه سبحانه كل أصلح لو لم يفعله كان مناقضا لغرضه كما ذكرته في الحواشي التي علقتها على تفسير البيضاوي، ولعله سبحانه لم يلهمهما التوبة وأغفلهما عنها لمصلحة لا يعلمها إلا هو، فلا بخل منه سبحانه على هذا التقدير.
وأما الثالث فلان التعليم حال التعذيب غير ممتنع، وظني. أن تزييف الفخر