استدل على أنه من جملة الأكاذيب بأن تمكن تلك المرأة من الصعود إلى السماء بما تعلمته من الملكين أعني الاسم الأعظم وعدم تمكنهما من ذلك مع علمهما به غير معقول. ولا يخفى أن دليله هذا إنما يتم لو ثبت أنه - جل اسمه - لم ينسهما الاسم الأعظم بعد اقترافهما تلك الكبائر العظيمة، واستحقاقهما الطرد والخذلان ودون ثبوته خرط القتاد (انتهى كلامه رحمه الله).
" لن يستنكف " أي لم يأنف، ولم يمتنع المسيح " أن يكون " أي من أن يكون " عبدا لله، ولا الملائكة المقربون " أي ولاهم يستكبرون من الاقرار بعبودية الله سبحانه. قال الطبرسي - رحمه الله -: استدل بهذه الآية من قال إن الملائكة أفضل من الأنبياء، قالوا: إن تأخير ذكر الملائكة في مثل هذا الخطاب يقتضي تفضيلهم، لان العادة لم تجر بأن يقال: لن يستنكف الأمير أن يفعل كذا ولا الحارس، بل يقدم الأدون ويؤخر الأعظم، فيقال: لن يستنكف الوزير أن يفعل كذا ولا السلطان (1). وأجاب أصحابنا عن ذلك بأن قالوا: إنما أخر ذكر الملائكة لان جميع الملائكة أفضل وأكثر ثوابا من المسيح، وهذا لا يقتضي أن يكون كل واحد منهم أفضل منه وإنما الخلاف في ذلك، وأيضا فإنا وإن ذهبنا إلى أن الأنبياء أفضل من الملائكة فإنا نقول مع قولنا بالتفاوت أنه لا تفاوت كثيرا في الفضل بينهما ومع التقارب والتداني يحسن أن يقدم ذكر الأفضل، ألا ترى أنه يحسن أن يقال:
ما يستنكف الأمير فلان ولا الأمير فلان، إذا كانا متساويين في المنزلة أو متقاربين (2) وقال البيضاوي: لعله أراد بالعطف المبالغة باعتبار التكثير لا باعتبار التكبير، كقولك أصبح الأمير لا يخالفه رئيس ولا مرؤوس (3).
" إن الذين عند ربك " أي مطلق الملائكة أو المقربين منهم " وله يسجدون " أي يخضعون بالعبادة أو التذلل " ولا يشركون " به غيره.