بذلك، ولقد علم هؤلاء المتعلمون " لمن اشتراه " بدينه الذي ينسلخ عنه بتعلمه " ماله في الآخرة من خلاق " أي من نصيب في ثواب الجنة. ثم قال عز وجل " ولبئس ما شروا به أنفسهم " وهنوها (1) بالعذاب " لو كانوا يعلمون " أنهم قد باعوا الآخرة وتركوا نصيبهم من الجنة، لان المتعلمين لهذا السحر هم الذين يعتقدون أن لا رسول، ولا إله، ولا بعث، ولا نشور. فقال " ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق " لأنهم يعتقدون أن لا آخرة. فهم يعتقدون أنها إذا لم تكن آخرة فلا خلاق لهم في دار بعد الدنيا، وإن كان بعد الدنيا آخرة فهم مع كفرهم بها لا خلاق لهم فيها. ثم قال " ولبئس ما شروا به أنفسهم " إذ باعوا الآخرة بالدنيا ورهنوا بالعذاب الدائم أنفسهم " لو كانوا يعلمون " أنهم قد باعوا أنفسهم بالعذاب، ولكن لا يعلمون ذلك لكفرهم به، فلما تركوا النظر في حجج الله حتى يعلموا عذابهم على اعتقادهم الباطل وجحدهم الحق. قال يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار عن أبويهما أنهما قالا. فقلنا للحسن أبي القائم عليه السلام: فإن قوما عندنا يزعمون أن هاروت وماروت ملكان اختارتهما الملائكة لما كثر عصيان بني آدم، وأنزلهما الله مع ثالث لهما إلى (2) الدنيا، وأنهما افتتنا بالزهرة، وأرادا الزنا بها، وشربا الخمر، و قتلا النفس المحترمة، وأن الله تبارك وتعالى يعذبهما ببابل، وأن السحرة منهما يتعلمون السحر، وأن الله مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الذي هو الزهرة، فقال الإمام عليه السلام: معاذ الله من ذلك، إن ملائكة الله معصومون محفوظون من الكفر و القبائح بألطاف الله، قال الله عز وجل فيهم " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " وقال عز وجل " وله ما في السماوات والأرض ومن عنده " يعني من الملائكة " لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون " وقال عز وجل في الملائكة أيضا " بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته
(٣٢١)