بالتأثير، فإن انضم إليه النوع الأول من السحر وهو الاستعانة بالكواكب وتأثيراتها عظم التأثير. بل ههنا نوعان آخران: الأول أن النفوس التي فارقت الأبدان قد يكون فيها ما هو شديد المشابهة لهذه النفس في قوتها وفي تأثيراتها، فإذا صارت هذه النفوس صافية لم يبعد أن ينجذب إليها ما تشابهها من النفوس المفارقة، ويحصل لتلك النفوس نوع ما من التعلق بهذا البدن، فتعاضد النفوس الكثيرة على ذلك الفعل، و إذا كملت القوة تزايدت قوى التأثير. الثاني أن هذه النفوس الناطقة إذا صارت صافية عن الكدورات البدنية صارت قابلة للأنوار الفائضة من الأرواح السماوية والنفوس الفلكية، فتتقوى هذه النفوس بأنوار تلك الأرواح، فتقوى على أمور غريبة خارقة للعادة. فهذا شرح سحر أصحاب الأوهام والرقى.
* (النوع الثالث) * * (من السحر الاستعانة بالأرواح الأرضية) * واعلم أن القول بالجن مما أنكره بعض المتأخرين من الفلاسفة والمعتزلة أما أكابر الفلاسفة فإنهم ما أنكروا القول به، إلا أنهم سموها بالأرواح الأرضية، وهي في أنفسها مختلفة، منها خيرة ومنها شريرة، فالخير منهم الجن والشريرة هم كفار الجن وشياطينهم، ثم قال: خلق منهم (1) هذه الأرواح جواهر قائمة بأنفسها لا متحيزة ولا حالة في المتحيز، وهي قادرة عالمة مدركة للجزئيات واتصال النفوس الناطقة بها أسهل من اتصالها بالأرواح السماوية، إلا أن القوة الحاصلة للنفوس الناطقة بسبب اتصالها بهذه الأرواح الأرضية أضعف من القوة الحاصلة لها بسبب اتصالها بتلك الأرواح السماوية، أما أن الاتصال أسهل فلأن المناسبة بين نفوسنا وبين هذه الأرواح الأرضية أرسل، فإن (2) المشابهة والمشاكلة بينها