وأما ظن حصول النفع فهو قائم في الموضعين، وإذا كان كذلك كانت هذه الصناعة أولى بالرعاية من صناعة الطب.
فإن قال قائل: كيف السبيل إلى معرفة طبائع هذه الكواكب والبروج؟ و أما التجربة فهي متعذرة، وذلك لان أقل ما لا بد منه في التجربة أن يعود الامر مرتين، وعودة الفلك إلى شكله المعين ممتنع عند بعض الفلاسفة، ولو أمكن على بعده فإنما يقع لو عاد جميع الكواكب إلى الموضع الذي كان واقفا عليه في المرة الأولى وذلك مما لا يحصل إلا بعد المدة التي تسمى بعمر العالم، فأي عمر يفي بذلك؟ و أي عقل يصل إليه؟
الجواب أنه لا حاجة في هذه التجربة إلى عود الفلك إلى الشكل الأول من جميع الوجوه، بل لما رأينا كوكبا حصل في برج وصدر عنه أثر وشاهدنا هذا الأثر مع حصوله في ذلك البرج مدة بعد أخرى غلب على ظننا أن حصوله في ذلك البرج مستعقب لهذا الأثر. وهذا القدر كاف في حصول الظن. وأيضا قد تحصل معرفة طبائع هذه الكواكب على سبيل الالهام، يحكى عن جالينوس أنه عرف كثيرا من الأمور الطبية برؤيا رآها، وإذا كان ذلك ممكنا فلا سبيل إلى دفعه.
قالوا: إذا ثبت ذلك فإن التجارب التي مارسها الاحكاميون من المنجمين دلت على أن لكل اختصاصا بأشياء معينة في هذا العالم من الأمكنة والأزمنة والأيام والساعات والأغذية والروائح والاشكال التي يتعلق بها كوكب معين في وقت يكون الكوكب فيه قويا على ذلك الفعل الذي يطلب منه لم يبعد أن يحصل ذلك الأثر الخارق للعادة لا سيما إذا كان المتولي لمباشرة ذلك العمل القوي النفس (1) صافي الروح، بحيث يكون روحه في الاستعلاء والاستيلاء من جوهر الأرواح السماوية، فهناك يتم الامر، ويحصل الغرض، فهذا مجموع أقوال الصابئة في تقرير هذا النوع من السحر.
أما المعتزلة فقد اتفقت كلمتهم على أن غير الله لا يقدر على خلق الجسم