المعادل للاستفهام على التقسيم " أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون " وإنما خص علم المشاهدة لأن أمثال ذلك لا تعلم إلا به، فإن الأنوثة ليست من لوازم ذاتهم ليمكن معرفته بالعقل الصرف، مع ما فيه من الاستهزاء والاشعار بأنهم لفرط جهلهم ينبؤون به كأنهم قد شاهدوا خلقهم " ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله " لعدم ما يقتضيه وقيام ما ينفيه " وإنهم لكاذبون " فيما يتدينون به " أصطفى البنات على البنين " استفهام إنكار واستبعاد، والاصطفاء أخذ صفوة الشئ " ما لكم كيف تحكمون " بما لا يرتضيه عقل " أفلا تذكرون " أنه منزه عن ذلك " أم لكم سلطان مبين " حجة واضحة نزلت عليكم من السماء بأن الملائكة بناته " فأتوا بكتابكم " الذي أنزل عليكم " إن كنتم صادقين " في دعواكم " وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا " يعني الملائكة، ذكرهم باسم جنسهم وضعا منهم أن يبلغوا هذه المرتبة، وقيل قالوا:
إن الله صاهر الجن فخرجت الملائكة، وقيل: قالوا الله والشيطان أخوان " ولقد علمت الجنة أنهم " أن الكفرة أو الانس أو الجنة إن فسرت بغير الملائكة " لمحضرون " في العذاب " وما منا إلا له مقام معلوم " حكاية اعتراف الملائكة بالعبودية بالرد (1) على عبدتهم، والمعنى: وما منا أحد إلا له مقام معلوم في المعرفة والعبادة والانتهاء إلى أمر الله تعالى في تدبير العالم " وإنا لنحن الصافون " في أداء الطاعة ومنازل الخدمة " وإنا لنحن المسبحون " المنزهون الله (2) عما لا يليق به، ولعل الأول إشارة إلى درجاتهم في الطاعة وهذا في المعارف (3).
وقال الطبرسي - رحمه الله - " وما منا إلا له مقام معلوم " هذا قول جبرئيل للنبي صلى الله عليه وآله وقيل: إنه قول الملائكة، وفيه مضمر أي: وما منا معشر الملائكة ملك إلا وله مقام معلوم في السماوات يعبد الله فيه، وقيل: معناه أنه لا يتجاوز ما امر به ورتب له، كما لا يتجاوز صاحب المقام مقامه الذي حد له، فكيف يجوز