من الملائكة لم أر خلقا أعظم منه كريه المنظر ظاهر الغضب (1) فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا مالك خازن النار - ثم ساق الحديث إلى قوله - ثم مررت بملك من الملائكة جالس على مجلس وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه، وإذا بيده لوح من نور مكتوب فيه كتاب ينظر فيه لا يلتفت يمينا ولا شمالا مقبلا عليه كهيئة الحزين، فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا ملك الموت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ثم رأيت ملكا من الملائكة جعل الله أمره عجيبا، نصف جسده النار والنصف الآخر ثلج، فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار: وهو ينادي بصوت رفيع ويقول:
سبحان الذي كف حر هذه النار فلا تذيب الثلج، وكف برد هذا الثلج فلا يطفئ حر هذه النار، اللهم يا مؤلف (2) بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين.
فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: ملك وكله الله بأكناف السماء وأطراف الأرضين وهو أنصح ملائكة الله لأهل الأرض من عباده المؤمنين، يدعو لهم بما تسمع منذ خلق. و [رأيت] ملكين يناديان في السماء: أحدهما يقول: اللهم أعط كل منفق خلفا، والآخر يقول: اللهم أعط كل ممسك تلفا، ثم مررنا بملائكة من ملائكة الله عز وجل خلقهم الله كيف شاء، ووضع وجوههم كيف شاء، ليس شئ من أطباق أجسادهم إلا وهو يسبح الله ويحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة، أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله، فسألت جبرئيل عنهم، فقال: كما ترى خلقوا، إن الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلمه كلمة قط، ولا رفعوا رؤوسهم إلى ما فوقها، ولا خفضوها إلى ما تحتها، خوفا لله وخشوعا. ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا فيها من الملائكة وعليهم الخشوع، وقد وضع الله وجوههم كيف شاء ليس منهم ملك إلا يسبح الله ويحمده بأصوات مختلفة، وكذا السماء الثالثة ثم صعدنا إلى السماء الرابعة وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات