لأنفسهم قبل استغفارهم لغيرهم، وفيه نظر.
" وجعلوا له من عباده جزءا " فقالوا الملائكة بنات الله وسماء جزءا لأن الولد جزء من الوالد، وهو يستلزم التركيب المنافي لوجوب الوجود " لكفور مبين " أي ظاهر الكفران " وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا " أي بالجنس الذي جعله له مثلا، إذ الولد لابد أن يماثل الوالد " ظل وجهه مسودا " أي صار وجهه أسود في الغاية، لما يعتريه من الكآبة " وهو كظيم " أي مملو قلبه من الكرب " أو من ينشأ في الحلية " أي أو جعلوا له أو اتخذ من يتربى في الزينة يعني البنات " وهو في الخصام " أي في المجادلة " غير مبين " أي غير مقرر لما يدعيه من نقصان العقل و ضعف الرأي " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا " كفر آخر تضمنه مقالهم شنع به عليهم، وهو جعلهم أكمل العباد وأكرمهم على الله أنقصهم عقلا وأخصهم صنفا " أشهدوا خلقهم " أي أحضروا خلق الله إياهم فشاهدوهم إناثا، فإن ذلك مما يعلم بالمشاهدة وهو تجهيل وتهكم لهم " ستكتب شهادتهم " التي شهدوا بها على الملائكة " ويسألون " أي عنها " يوم القيامة ".
" فالمقسمات أمرا " أي الملائكة يقسمون الأمور بين الخلق على ما أمروا به.
قال الطبرسي - رحمه الله -: روي أن ابن الكواء سأل أمير المؤمنين عليه السلام وهو يخطب على المنبر فقال: ما الذاريات ذروا؟ قال الرياح، قال: فالحاملات وقرا؟ قال:
السحاب قال: فالجاريات يسرا؟ قال: السفن، قال: فالمقسمات أمرا؟ قال: الملائكة وروي ذلك عن ابن عباس ومجاهد (1).
" في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " قيل: أي كان مقداره من عروج غيرهم خمسين ألف سنة، وذلك من أسفل الأرضين إلى فوق السماوات السبع، وقيل:
امتداد ذلك اليوم على بعض الكفار كذلك، وقيل: معناه أن أول نزول الملائكة في الدنيا بأمره ونهيه وقضائه بين الخلائق إلى آخر عروجهم إلى السماء وهو القيامة هذه المدة.