اعتبروا أول السنة حفظا من أن يدور في الفصول يوم انتقال الشمس إلى الاعتدال الربيعي قبل نصف النهار، فكان حينئذ قد اتفق ذلك الانتقال يوم الجمعة عاشر شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وكان مطابقا للثامن عشر من فروردين ماه اليزدجردي أول سنتهم، فجعلوا اليوم المذكور أول فروردين ماه من السنة الجلالية، وأسقطوا الأيام السابقة عليه من درجة الاعتبار، وسموا هذا اليوم بالنوروز السلطاني، فاستقر الأمر في حساب السنين الشمسية على أن يعدوا من النيروز المذكور ثلاثمائة وخمسة وستين يوما، فيجعلون اليوم السادس نيروز السنة الآتية، ثم يكبسون الكسر لكونه أقل من الربع في كل أربع سنين أو خمس سنين فتصير سنة الكبيسة ثلاثمائة وستة وستين يوما. وهذه الطريقة مستمرة إلى زماننا.
إذا عرفت هذا فنقول أولا إن ما يلوح من توقع ابن إدريس عن الشيخ أن يعين نيروز الفرس بيوم من الشهور العربية أو الرومية، وكذا ما نقله عن بعض المحصلين من تعيينه بعاشر أيار من الشهور الرومية غريب جدا، لما عرفت من دوران أيام شهور الفرس قديمهم وحديثهم في العربية والرومية وبالعكس، لاختلاف اعتباراتهم في حساب السنين، فكيف يتصور تعيين يوم معين أو شهر معين من إحداها بيوم أو شهر من الأخرى على وجه مصون من التغيير والتبديل بمر الدهور؟ فليس لتعيينه بعاشر أيار من بعض المحصلين وجه محصل سوى أنه وجده مطابقا له في بعض الأزمنة السابقة كزمان الصادق عليه السلام المستند إليه الروايات الواردة في النيروز فتوهم لزوم حفظ تلك المطابقة له دائما، فإنه يستنبط مما سيتضح عن قريب من التواريخ أن اتفاق المطابقة المذكورة كان في أواسط المائة الثانية من الهجرة، و هو قريب من أواخر زمان الصادق عليه السلام. ومثل هذا التوهم غير عزيز من الناس كما أورد الكفعمي - ره - في بيان الاعمال المتعلقة بشهر شعبان أن الثالث والعشرين منه هو النيروز المعتضدي مضبوطا بالحادي عشر من حزيران تاسع شهور الروم كما هو مذكور في سرائر ابن إدريس مع وجهه، ومعلوم أن [مثل] ذلك لا يمكن