الهلال، وكذا أشهر الحج وهي أمور ظاهرة يعرفها عامة الناس بل الحيوانات؟
فان قلت: استعماله في نزول الشمس برج الحمل غير ظاهر الاستعمال في بلاد العجم، حتى أنهم لا يعرفونه وينكرون على معتقده، فلم خصصت ترجيح العرف الظاهر في بعض البلاد دون بعض؟ وأيضا فإن ما ذكرته حادث ويسمى " النيروز السلطاني " والأول أقدم، حتى قيل: إنه منذ زمان نوح عليه السلام.
فالجواب عن الأول: أن العرف إذا تعدد انصرف إلى العرف الشرعي فإن لم تكن فإلى أقرب البلاد واللغات إلى الشرع، فيصرف إلى لغة العرب وبلادها، لأنها أقرب إلى الشرع. وعن الثاني بأن التفسيرين معا متقدمان على الاسلام.
الثاني: أنه مناسب لما ذكره صاحب الأنواء من أن الشمس خلقت في " الشرطين " وهما أول الحمل، فيناسب ذلك إعظام هذا اليوم الذي عادت فيه إلى مبدأ كونها.
الثالث: أنه مناسب لما ذكره السيد رضي الدين علي بن طاووس أن ابتداء العالم وخلق الدنيا كان في شهر نيسان ولا شك أن نيسان يدخل والشمس في الحمل. وإذا كان ابتداء العالم في مثل هذا اليوم يناسب أن يكون يوم عيد و سرور، ولهذا ورد استحباب التطيب فيه بأطيب الطيب، ولبس أنظف الثياب، و مقابلته بالشكر والدعاء، والتأهب لذلك بالغسل، وتكميله بالصوم والصلاة المرسومة له، حيث كان فيه ابتداء النعمة الكبرى، وهي الاخراج من حيز العدم إلى الوجود، ثم تعريض الخلق لثوابه الدائم، ولهذا أمرنا بتعظيم يوم المبعث والغدير حيث كان فيه ابتداء منصب النبوة والإمامة، وكذا المولدين.
فان قلت: نسبته إلى الفرس يؤيد الأول، لأنهم واضعوه، والثاني وضعه قوم مخصوصون، ولم يوافقهم الباقون.
قلنا: يكفي في نسبته إليهم أن يقول به طائفة منهم، وإن قصروا في العدد عمن لم يقل به. ألا ترى إلى قوله تعالى " وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى