أحدها: أن انقضاض الكواكب مذكور في كتب قدماء الفلاسفة، قالوا:
إن الأرض إذا سخنت بالشمس ارتفع منها بخار يابس، فإذا بلغ النار التي دون الفلك احترق بها فتلك الشعلة هي الشهاب.
وثانيها: أن هؤلاء الجن كيف يجوز أن يشاهدوا واحدا وألفا من جنسهم يسترقون السمع فيحترقون، ثم إنه (1) مع ذلك يعودون لمثل صفتهم (2) فإن العاقل إذا رأى الهلاك في شئ مرة ومرارا امتنع أن يعود إليه من غير فائدة.
وثالثها: أنه يقال في ثخن السماء مسيرة خمسمائة عام، فهؤلاء الجن إن نفذوا في جرم السماء وخرقوا اتصاله فهذا باطل، لأنه تعالى نفى أن يكون فيها فطور على ما قال (فارجع البصر هل ترى من فطور) وإن كانوا لا ينفذون في جرم السماء فكيف يمكنهم أن يسمعوا أسرار الملائكة من ذلك البعد العظيم؟ فلم لا يسمعون كلام الملائكة حال كونهم في الأرض؟.
ورابعها: أن الملائكة إنما اطلعوا على الأحوال المستقبلة إما لأنهم طالعوها من اللوح (3) المحفوظ، أو لأنهم يتلقونها من وحي الله تعالى إليهم، وعلى التقديرين فلم لا يمسكون عن ذكرها حتى لا يتمكن الجن من الوقوف عليها؟.
وخامسها: أن الشياطين مخلوقون من النار، والنار لا تحرق النار بل تقويها، فكيف يحتمل (4) أن يقال الشيطان زجر من استراق السمع بهذه الشهب.
وسادسها: أنه إن كان هذا القذف لأجل النبوة فلم دام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله.
وسابعها: أن هذه الرجوم، إنما تحدث بالقرب من الأرض بدليل أنا نشاهد حركاتها بالغة ولو كانت قريبة من الفلك لما شاهدنا حركاتها (5) كما لم نشاهد