إمكان ذلك أن الأجسام متماثلة في كونها أجساما فوجب أن يصح على كل واحد منها ما يصح على الآخر، وإنما قلنا إنها متماثلة لأنه يصح تقسيمها إلى السماويات والأرضيات ومورد التقسيم مشترك بين القسمين، فالعلويات والسفليات مشتركة في أنها أجسام، وإنما قلنا إنه متى كان كذلك وجب أن يصح على العلويات ما يصح على السفليات لان المتماثلات حكمها واحد فما صح (1) حكمه على كل واحد منها وجب أن يصح على الباقي (2). وقال في قوله سبحانه (إذا السماء انشقت) قد مر شرحه في مواضع، وعن علي عليه السلام أنها تنشق من المجردة (وأذنت لربها) أي استمعت له، والمعنى أنه لم يوجد في جرم السماء ما يمنع من تأثير قدرة الله في شقها وتفريق أجزائها فكانت في قبول ذلك التأثير كالعبد الطائع الذي إذا ولى (3) عليه الامر من جهة المالك أنصت له وأذغن ولم يمتنع، فكذلك قوله (قالتا أتينا طائعين) يدل على نفوذ القدرة في الايجاد والابداع من غير مانع (4) أصلا، كما أن قوله ههنا (وأذنت لربها) يدل على نفوذ القدرة في التفريق والاعدام و الافناء من غير ممانعة أصلا، وأما قوله (وحقت) فهو من قولك هو محقوق بكذا وحقيق به يعني وهي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع، وذلك لأنه جسم وكل جسم ممكن لذاته، وكل ممكن لذاته فإن الوجود والعدم بالنسبة إليه على السوية وكل ما كان كذلك فإن ترجيح (5) عدمه على وجوده لابد وأن يكون بتأثير واجب الوجود وترجيحه، فيكون تأثير قدرته في إيجاده وإعدامه نافذا ساريا من غير ممانعة أصلا، وأما الممكن فليس له إلا القبول والاستعداد، ومثل هذا الشئ حقيق به أن يكون قابلا للوجود تارة وللعدم أخرى من واجب الوجود (6). وقال
(٨٢)