في قوله تعالى (والسماء ذات البروج) ثلاثة أقوال: أحدها أنها هي البروج الاثنا عشر، وإنما حسن القسم بها لما فيها من عجيب الحكمة، وذلك لان سير الشمس فيها، ولا شك أن مصالح العالم السفلي مرتبطة بسير الشمس، فدل ذلك على أن لها صانعا حكيما وثانيها أن البروج هي منازل القمر وإنما حسن القسم بها لما في سير القمر وحركته من الآثار العجيبة وثالثها أن البروج هي عظام الكواكب سميت بروجا لظهورها (1) (انتهى)، وأقول: في بعض الأخبار تأويل السماء بسيد الأنبياء صلى الله عليه وآله والبروج بالأئمة الاثني عشر عليهم السلام.
(والسماء والطارق)) قال الرازي: أما الطارق فهو كل ما أتاك ليلا سواء كان كوكبا أو غيره (وما أدريك ما الطارق) قال سفيان بن عيينة: كل شئ في القرآن (ما أدريك) فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وآله به، وكل شئ فيه (ما يدريك) لم يخبر به كقوله (وما يدريك لعل الساعة قريب) ثم قال (النجم الثاقب) أي هو طارق رفيع الشأن، وهو النجم الذي يهتدى به في ظلمات البر والبحر، و يوقف به على أوقات الأمطار، ووصف بكونه ثاقبا لوجوه: أحدها أنه يثقب الظلام بضوء ينفذ فيه، وثانيها أنه يطلع من المشرق نافذا في الهواء كالشئ الذي يثقب الشئ، وثالثها أنه الذي يرمى به الشيطان فيثقبه أي ينفذ فيه ويحرقه، رابعها قال الفراء: هو النجم المرتفع على النجوم، قال بعضهم: أشير به إلى جماعة النجوم كما قيل: (إن الانسان لفي خسر) وقال آخرون: إنه نجم بعينه، قال ابن زيد:
إنه الثريا، وقال الفراء: إنه زحل لأنه يثقب بنوره سمك بسبع سماوات، و قال آخرون: إنه الشهب التي ترجم بها الشياطين لقوله تعالى (فأتبعه شهاب ثاقب (3)).