- بضم السين والباء - أي نوره، وأراد بالوجه الذات، وبما انتهى إليه بصره جميع المخلوقات، لان بصره محيط بجميعها، أي لو أزال المانع من رؤية أنواره لأحرق جلاله جميعهم.
والتحقيق أن لتلك الأخبار ظهرا وبطنا وكلاهما حق فأما ظهرها فإنه سبحانه كما خلق العرش والكرسي مع عدم احتياجه إليهما كذلك خلق عندهما أستارا وحجبا وسرادقات، وحشاها من أنواره الغريبة المخلوقة له ليظهر لمن يشاهدها من الملائكة وبعض النبيين ولمن يسمعها من غيرهم عظمة قدرته وجلال هيبته وسعة فيضه ورحمته ولعل اختلاف الاعداد باعتبار أن في بعض الاطلاقات اعتبرت الأنواع وفي بعضها الأصناف وفي بعضها الاشخاص أو ضم بعضها إلى بعض في بعض التعبيرات، أو أكتفي بذكر بعضها في بعض الروايات وأما بطنها فلان الحجب المانعة عن وصول الخلق إلى معرفة كنه ذاته وصفاته أمور كثيرة، منها ما يرجع إلى نقص المخلوق وقواه ومداركه بسبب الامكان والافتقار والاحتياج والحدوث وما يتبع ذلك من جهات النقص والعجز، وهي الحجب الظلمانية. ومنها ما يرجع إلى نوريته وتجرده وتقدسه ووجوب وجوده وكماله وعظمته وجلاله وسائر ما يتبع ذلك وهي الحجب النورانية، وارتفاع تلك الحجب بنوعيه محال، فلو ارتفعت لم يبق بغير ذات الحق شئ، أو المراد بكشفها رفعها في الجملة بالتخلي عن الصفات الشهوانية والأخلاق الحيوانية، والتخلق بالأخلاق الربانية بكثرة العبادات والرياضات والمجاهدات وممارسة العلوم الحقة، فترتفع الحجب بينه وبين ربه سبحانه في الجملة، فيحرق ما يظهر عليهم من أنوار جلاله تعيناتهم وإراداتهم وشهواتهم، فيرون بعين اليقين كماله سبحانه ونقصهم، وبقاءه وفناءهم وذلهم، وغناه وافتقارهم، بل يرون وجودهم المستعار في جنب وجوده الكامل عدما، وقدرتهم الناقصة في جنب قدرته الكاملة عجزا بل يتخلون عن إرادتهم وعلمهم وقدرتهم، فيتصرف فيهم إرادته وقدرته وعلمه سبحانه، فلا يشاؤون إلا أن يشاء الله، ولا يريدون سوى ما أراد الله، ويتصرفون في الأشياء بقدرة الله، فيحيون الموتى، ويردون الشمس، ويشقون القمر، كما