النسخة الأولى أظهر (من بين جاذب ودافع) على الأول يكون المعنى أن هؤلاء السبعين مرددون من بين جاذب يجذبها قدامها، ودافع يدفعها من خلفها، ومنقسمون إليهما، أو الشمس كائنة بين جاذب ودافع من تلك السبعين، فالمراد بالجذب أولا ما يصير سببا للحركة أعم من أن يكون بالجذب أو الدفع، أو يكون نسبة الجذب إلى الجميع على المجاز وعلى الثاني فالمعنى أن الشمس واقعة بين جاذب من سبعين ألف ملك، ودافع من خمسة آلاف، وعلى الوجهين يحتمل أن يكون المراد بحركة الجذب الحركة اليومية السريعة على خلاف التوالي التابعة لحركة الفلك الأطلس التي يحصل اليوم والليل منها، وبحركة الدفع حركة الفلك الرابع الذي فيه الشمس على توالي البروج وهي بطيئة تقطع بها في كل سنة دورة، فالمعنى أن الشمس إذا طلعت جذبها الملائكة السبعون ألفا إلى المغرب بالحركة اليومية مع أنه أخذ بكل شعاع منها أو بمكان كل شعاع منها خمسة آلاف من الملائكة تدفعها إلى جانب المشرق بالحركة الخاصة، فتسير الشمس بقدر فضل ما بين الحركتين (حتى إذا بلغت الجو) أي وسط السماء مجازا، وفي الأصل ما بين السماء والأرض (وجازت الكوة) في بعض النسخ بدون التاء، وفي القاموس: الكوة ويضم و الكو: الخرق في الحائط، أو التذكير للكبير والتأنيث للصغير، والجمع: كوى وكوا (1) (انتهى) أي خرجت أشعة الشمس من الكوى المشرقية، وذلك عند قرب الزوال، وربما يؤول الكوة بدائرة نصف النهار على الاستعارة (قلبها ملك النور) ربما يؤول ذلك بأنه لما كانت الشمس صاعدة كان الجانب الذي منها يلي المشرق تحت الجانب الغربي منها، فإذا جازت نصف النهار وانحدرت صار الامر بالعكس، وصار ما كان يلي الأرض أي الجانب الشرقي إلى السماء أي إلى جهة الفوق، فلذا نسب إليه القلب، ولا يخفى أنه على هذا يصير الكلام قليل الجدوى مع أن ظاهره غير ممتنع. والتخوم: جمع التخم وهو منتهى كل قرية وأرض، و لعل المراد بفلك الجو جو الفلك، أي ما بين السماء الرابعة والخامسة.
(١٦٩)