والانقياد للمعبود، والتسبيح والتقديس له سبحانه بلسان الذل والامكان والافتقار وكذا الحيوانات العجم، وأما ذوو العقول فلما كانوا ذوي إرادة واختيار فهم من جهة الامكان والافتقار والانقياد للأمور التكوينية كالجمادات في السجود و التسبيح، ومن حيث الأمور الإرادية والتكليفية منقسمون بقسمين: منهم الملائكة وهم جميعا معصومون ساجدون منقادون من تلك الجهة أيضا، ولعل المراد بقوله (من في السماوات والأرض) هم (1) وأما الناس فهم قسمان: قسم مطيعون من تلك الجهة أيضا، ومنهم عاصون من تلك الجهة وإن كانوا مطيعين من الجهة الأخرى، فلم يتأت منهم غاية ما يمكن منهم من الانقياد، فلذا قسمهم سبحانه إلى قسمين فقال (وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب (2)) فإذا حققت الآية هكذا لم تحتج إلى ما تكلفه المفسرون من التقديرات والتأويلات وسيأتي بعض ما ذكروه في هذا المقام. وأما الخبر فلعله كان ثلاث سجدات أو سقط الرابع من النساخ، ولعله بعد زوال الليل إلى وقت الطلوع، أو قبل زوال الليل كما في النهار، وإنما خص عليه السلام السجود بهذه الأوقات لأنه عند هذه الأوقات تظهر للناس انقيادها لله، لأنها تتحول من حالة معروفة إلى حالة أخرى ويظهر تغير تام في أوضاعها، وأيضا إنها أوقات معينة يترصدها الناس لصلواتهم وصيامهم وسائر عباداتهم ومعاملاتهم، وأيضا لما كان هبوطها وانحدارها وأفولها من علامات إمكانها وحدوثها كما قال الخليل عليه السلام (لا أحب الآفلين) خص السجود بتلك الأحوال، أو بما يشرف عليها والله يعلم أسرار الآيات والاخبار، و حججه الأبرار عليهم السلام.
24 - الاختصاص: قال الصادق عليه السلام: إذا كان عند غروب الشمس وكل الله بها ملكا ينادي (أيها الناس أقبلوا على ربكم، فإن ما قل وكفى خير مما كثر