وفي قوله تعالى (ما أصاب من مصيبة في الأرض) مثل قحط المطرو قلة النبات ونقص الثمرات (ولا في أنفسكم) من الأمراض والثكل بالأولاد (إلا في كتاب) أي إلا وهو مثبت (1) في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الأنفس (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) أي فعلنا ذلك لكيلا تحزنوا على ما يفوتكم من نعم الدنيا (ولا تفرحوا بما آتيكم) أي بما أعطاكم الله منها، والذي يوجب نفي الأسى والفرح من هذين أن الانسان إذا علم أن ما فات منها ضمن الله تعالى العوض عليه في الآخرة فلا ينبغي أن يحزن لذلك، وإذا علم أن ما ناله منها كلف الشكر عليه والحقوق الواجبة فيه فلا ينبغي أن يفرح به، وأيضا إذا علم أن شيئا منها لا يبقى فلا ينبغي أن يهتم له بل يجب أن يهتم لأمر الآخرة التي تدوم ولا تبيد (2).
وقال البيضاوي: (من قبل أن نبرأها) أي نخلقها، والضمير للمصيبة، أو لأرض، أو للأنفس، وقال في قوله (لكيلا تأسوا) فإن من علم أن الكل مقدر هان عليه الامر، وفيه إشعار بأن فواتها يلحقها إذا خليت وطباعها، وأما حصولها وبقاؤها فلا بد لهما من سبب يوجدها ويبقيها، والمراد منه نفي الأسى المانع من التسليم لأمر الله والفرح الموجب للبطر والاختيال، ولذلك عقبه بقوله (والله لا يحب كل مختال فخور (3)) (انتهى).
وقال الطبرسي - ره -: اختلف في معنى (نون) فقيل: هو اسم من أسماء السورة، وقيل: هو الحوت الذي عليه الأرضون، عن ابن عباس وغيره: وقيل:
هو حرف من حروف الرحمن. في رواية أخرى عن ابن عباس، وقيل: هو الدواة عن الحسن وغيره، وقيل: هو لوح من نور، وروي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: هو نهر في الجنة، قال الله له كن مدادا فجمد، وكان أبيض من اللبن وأحلى من الشهد، ثم قال للقلم: اكتب فكتب القلم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة