المزادة (1) إذا خرزتها فحفظت بذلك ما فيها، ومعنى الكتاب بين الناس: حفظ ما يتعاملون به، فالمراد من قوله (إن ذلك في كتاب) أنه محفوظ عنده.
و الثاني: وهو قول الجمهور أن كل ما يحدثه الله في السماوات والأرض كتبه (2) في اللوح المحفوظ، وهذا أولى، لان القول الأول وإن كان صحيحا نظرا إلى الاشتقاق، ولكن الواجب حمل اللفظ على المتعارف، ومعلوم أن الكتاب هو ما تكتب فيه الأمور، فكان حمله عليه أولى. فإن قيل: يوهم ذلك أن علمه مستفاد من الكتاب، وأيضا فأي فائدة في ذلك الكتاب؟ فالجواب عن الأول أن كتبه تلك الأشياء في ذلك الكتاب مع كونها مطابقة للموجودات من أدل الدلائل على أنه سبحانه غني في علمه عن ذلك الكتاب، وعن الثاني أن الملائكة ينظرون فيه ثم يرون الحوادث داخلة في الوجود على وفقه، فصار ذلك دليلا لهم زائدا على كونه سبحانه عالما بكل المعلومات. وأما قوله (إن ذلك على الله يسير) فمعناه أن كتبه جملة الحوادث من أنها من الغيب مما يتعذر على الخلق، لكنها بحيث متى أرادها الله تعالى، كانت يعبر عن ذلك بأنه يسير، وإن كان هذا الوصف لا يستعمل إلا فينا من حيث تسهل وتصعب علينا الأمور، ويتعالى (3) الله عن ذلك (4).
وقال الطبرسي ره في قوله سبحانه (وما من غائبة) أي خصلة غائبة (في السماء والأرض) يعني جميع ما أخفاه عن خلقه وغيبه عنهم (إلا في كتاب مبين) أي إلا وهو مبين في اللوح المحفوظ (5).
(لا يعزب عنه) أي لا يفوته (إلا في كتاب مبين) يعني اللوح المحفوظ (6).