طولها اثنا عشر ألف فرسخ في اثني عشر ألف فرسخ، وكون لهم سورا من حديد يقطع إلى السماء، فأسكن الفرقة الأخرى فيها، لا يعلم أهل (جابرسا) بموضع أهل (جابلقا) ولا يعلم أهل (جابلقا) بموضع أهل (جابرسا) ولا يعلم بهم أهل أوساط الأرض من الجن والنسناس، فكانت الشمس تطلع على أهل أوساط الأرضين من الجن والنسناس فينتفعون بحرها ويستضيئون بنورها، ثم تغرب في عين حمئة فلا يعلم بها أهل جابلقا إذا غربت، ولا يعلم بها أهل جابرسا إذا طلعت، لأنها تطلع من دون جابرسا، وتغرب من دون جابلقا.
فقيل: يا أمير المؤمنين فكيف يبصرون ويحيون؟ وكيف يأكلون ويشربون وليس تطلع الشمس عليهم؟ فقال: إنهم يستضيئون بنور الله، فهم في أشد ضوء من نور الشمس، ولا يرون أن الله تعالى خلق شمسا ولا قمرا ولا نجوما ولا كواكب، ولا يعرفون شيئا غيره. فقيل: يا أمير المؤمنين فأين إبليس عنهم؟ قال: لا يعرفون إبليس ولا سمعوا بذكره لا يعرفون إلا الله وحده لا شريك له، لم يكتسب أحد منهم قط خطيئة، ولم يقترب إثما، لا يسقمون ولا يهرمون ولا يموتون إلى يوم القيامة، يعبدون الله لا يفترون، الليل والنهار عندهم سواء.
وقال: إن الله أحب أن يخلق خلقا، وذلك بعد ما مضى للجن والنسناس سبعة آلاف سنة، فلما كان من خلق (1) الله أن يخلق آدم للذي أراد من التدبير والتقدير فيما هو مكونة في السماوات والأرضين كشط عن أطباق السماوات، ثم قال للملائكة: انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن والنسناس هل ترضون أعمالهم وطاعتهم لي؟ فاطلعت (2) ورأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض الأرض بغير الحق أعظموا ذلك وغضبوا الله وأسفوا على أهل الأرض ولم يملكوا غضبهم وقالوا:
يا ربنا أنت العزيز الجبار القاهر العظيم الشأن وهؤلاء كلهم خلقك الضعيف الذليل في أرضك كلهم يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويتمتعون بعافيتك وهم يعصونك