الذين قالوا له صلى الله عليه وآله: إن لم تطرد عن مجلسك هؤلاء الفقراء فلا نؤمن بك، فكأنه تعالى قال: إن هؤلاء الذين أتوا بهذا الاقتراح الفاسد والتعنت الباطل ما كانوا شركائي في خلق العالم وتدبير الدنيا والآخرة بل هم كسائر الخلق، فلم أقدموا على هذا الاقتراح؟ ونظيره أن من اقترح عليك اقتراحات عظيمة فإنك تقول له:
لست بسلطان البلد ولا وزير الملك حتى نقبل منك هذه الاقتراحات.
وثانيهما: أن يكون المراد هؤلاء الكفار أيضا ويكون المعنى: أنتم جاهلون بما جرى به القلم من أحوال السعادة والشقاوة فكيف يمكنكم أن تحكموا لأنفسكم بالرفعة والكمال والعلو ولغيركم بالذل والدناءة (انتهى).
وروى العياشي عن الباقر عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اللهم أعز (1) الاسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام فأنزل الله هذه الآية يعنيهما.
وفي الكافي (2) عن الجواد عليه السلام: إن الله تعالى لم يزل متفردا بوحدانيته، ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة فمكثوا ألف دهر، ثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها، وفوض أمرها (3) إليهم (الخبر) وهذا الخبر صريح في حدوث جميع أجزاء العالم.
(أولم ير الذين كفروا) قال الطبرسي ره: استفهام يراد به التقريع (4) والمعنى: أو لم يعلموا أن الله سبحانه (5) الذي يفعل هذه الأشياء ولا يقدر عليها غيره فهو الاله المستحق للعبادة دون غيره (أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما) تقديرها: كانتا ذواتي رتق (6) والمعنى: كانتا ملتزقتين منسدتين ففصلنا