الأرض مقدم على خلق السماء لأنه تعالى لما فصل بينهما ترك الأرض حيث هي وأصعد الاجزاء السماوية، قال كعب: خلق الله السماوات والأرضين ملتصقتين ثم خلق ريحا توسطهما ففتقتا بها، ثم ذكر الثاني والثالث ورجح الثالث بقوله تعالى (والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع) وبقوله سبحانه (وجعلنا من الماء كل شئ حي) ثم قال: ورابعها قول أبي مسلم الأصفهاني، قال:
يجوز أن يراد بالفتق، الايجاد والاظهار كقوله (فاطر السماوات والأرض) فأخبر عن الايجاد بلفظ الفتق، وعن الحال قبل الايجاد بلفظ الرتق.
أقول: وتحقيقه أن العدم نفي محض فليس فيه ذوات متميزة، وأعيان متبائنة بل كأنه أمر واحد متصل متشابه، فإذا وجدت الحقائق فعند الوجود والتكوين يتميز بعضها عن بعض، فبهذا الطريق جعل الرتق مجازا عن العدم، والفتق عن الوجود. وخامسها أن الليل سابق على النهار بقوله (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار) فكانت السماوات والأرض مظلمة ففتقهما الله بإظهار النهار المبصرة (انتهى) (1).
وأقول: سيأتي في الاخبار ما يؤيد الوجه الثالث، ويومئ بعض خطب أمير المؤمنين عليه السلام إلى الثاني كما ستعرف. وروى الكليني في الروضة عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي (2)