لفرقته والتجزع للظعن عن محاله، فأذن وأردفني من صالح دعائه ما يكون ذخرا عند الله لي ولعقبي وقرابتي إنشاء الله.
فلما أزف ارتحالي وتهيأ اعتزام نفسي، غدوت عليه مودعا ومجددا للعهد وعرضت عليه مالا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم، وسألته أن يتفضل بالأمر بقبوله مني فابتسم وقال: يا أبا إسحاق استعن به على منصرفك، فان الشقة قذفة وفلوات الأرض أمامك جمة، ولا تحزن لاعراضنا عنه، فانا قد أحدثنا لك شكره ونشره، وأربضناه عندنا بالتذكرة وقبول المنة فتبارك الله لك فيما خولك، وأدام لك ما نولك وكتب لك أحسن ثواب المحسنين، وأكرم آثار الطائعين، فان الفضل له ومنه.
وأسأل الله أن يردك إلى أصحابك بأوفر الحظ من سلامة الأوبة، وأكناف الغبطة، بلين المنصرف، ولا أوعث الله لك سبيلا ولا حير لك دليلا، واستودعه نفسك وديعة لا تضيع ولا تزول بمنه ولطفه إنشاء الله.
يا إسحاق إن الله قنعنا بعوائد إحسانه، وفوائد امتنانه، وصان أنفسنا عن معاونة الأولياء، إلا عن الاخلاص في النية، وامحاض النصيحة، والمحافظة على ما هو أتقى وأبقى وأرفع ذكرا.
قال: فأقفلت عنه، حامدا لله عز وجل على ما هداني وأرشدني، عالما بأن الله لم يكن ليعطل أرضه، ولا يخليها من حجة واضحة وإمام قائم، وألقيت هذا الخبر المأثور، والنسب المشهور، توخيا للزيادة في بصائر أهل اليقين، وتعريفا لهم ما من الله وعز وجل به من إنشاء الذرية الطيبة، والتربة الزكية، وقصدت أداء الأمانة والتسليم لما استبان، ليضاعف الله عز وجل الملة الهادية، والطريقة المرضية قوة عزم، وتأييد نية، وشد أزر، واعتقاد عصمة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
ايضاح: " الرائع " من يعجبك بحسنه وجهارة منظره كالأروع قاله