من صلحاء البحرين وزهادهم عشرة، ففعلوا، ثم اختاروا من العشرة ثلاثة فقالوا لأحدهم: اخرج الليلة إلى الصحراء واعبد الله فيها، واستغث بامام زماننا، وحجة الله علينا، لعله يبين لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء.
فخرج وبات طول ليلته متعبدا خاشعا داعيا باكيا يدعو الله، ويستغيث بالامام عليه السلام، حتى أصبح ولم ير شيئا، فأتاهم وأخبرهم فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم، فرجع كصاحبه ولم يأتهم بخبر، فازداد قلقهم وجزعهم.
فأحضروا الثالث وكان تقيا فاضلا اسمه محمد بن عيسى، فخرج الليلة الثالثة حافيا حاسر الرأس إلى الصحراء وكانت ليلة مظلمة فدعا وبكى، وتوسل إلى الله تعالى في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البلية عنهم واستغاث بصاحب الزمان.
فلما كان آخر الليل، إذا هو برجل يخاطبه ويقول: يا محمد بن عيسى ما لي أراك على هذه الحالة، ولماذا خرجت إلى هذه البرية؟ فقال له: أيها الرجل دعني فإني خرجت لامر عظيم وخطب جسيم، لا أذكره إلا لإمامي ولا أشكوه إلا إلى من يقدر على كشفه عني.
فقال: يا محمد بن عيسى! أنا صاحب الامر فاذكر حاجتك، فقال: إن كنت هو فأنت تعلم قصتي ولا تحتاج إلى أن أشرحها لك، فقال له: نعم، خرجت لما دهمكم من أمر الرمانة، وما كتب عليها وما أوعدكم الأمير به، قال: فلما سمعت ذلك توجهت إليه وقلت له: نعم يا مولاي، قد تعلم ما أصابنا، وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنا.
فقال صلوات الله عليه: يا محمد بن عيسى إن الوزير لعنه الله في داره شجرة رمان فلما حملت تلك الشجرة صنع شيئا من الطين على هيئة الرمانة، وجعلها نصفين وكتب في داخل كل نصف بعض تلك الكتابة ثم وضعهما على الرمانة، وشدهما عليها وهي صغيرة فأثر فيها، وصارت هكذا.
فإذا مضيتم غدا إلى الوالي، فقل له: جئتك بالجواب ولكني لا أبديه إلا في دار الوزير فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك، ترى فيها غرفة، فقل للوالي: لا أجيبك