فأخفيت نفسي عنه، حتى أتى الباب، وكان مغلقا، فانفتح له عند وصوله إليه، ودخل الروضة، فسمعته يكلم كأنه يناجي أحدا ثم خرج، وأغلق الباب فمشيت خلفه حتى خرج من الغري وتوجه نحو مسجد الكوفة.
فكنت خلفه بحيث لا يراني حتى دخل المسجد وصار إلى المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين صلوات الله عليه عنده، ومكث طويلا ثم رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغري.
فكنت خلفه حتى قرب من الحنانة فأخذني سعال لم أقدر على دفعه، فالتفت إلي فعرفني، وقال: أنت مير علام؟ قلت: نعم، قال: ما تصنع ههنا؟ قلت: كنت معك حيث دخلت الروضة المقدسة إلى الآن واقسم عليك بحق صاحب القبر أن تخبرني بما جرى عليك في تلك الليلة، من البداية إلى النهاية.
فقال: أخبرك على أن لا تخبر به أحدا ما دمت حيا فلما توثق ذلك مني قال: كنت أفكر في بعض المسائل وقد أغلقت علي، فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين عليه السلام وأسأله عن ذلك، فلما وصلت إلى الباب فتح لي بغير مفتاح كما رأيت فدخلت الروضة وابتهلت إلى الله تعالى في أن يجيبني مولاي عن ذلك، فسمعت صوتا من القبر: أن ائت مسجد الكوفة وسل عن القائم عليه السلام فإنه إمام زمانك فأتيت عند المحراب، وسألته عنها وأجبت وها أنا أرجع إلى بيتي.
ومنها ما أخبرني به والدي رحمه الله قال: كان في زماننا رجل شريف صالح كان يقال له: أمير إسحاق الأسترآبادي، وكان قد حج أربعين حجة ماشيا وكان قد اشتهر بين الناس أنه تطوى له الأرض.
فورد في بعض السنين بلدة إصفهان، فأتيته وسألته عما اشتهر فيه، فقال:
كان سبب ذلك أني كنت في بعض السنين مع الحاج متوجهين إلى بيت الله الحرام فلما وصلنا إلى موضع كان بيننا وبين مكة سبعة منازل أو تسعة تأخرت عن القافلة لبعض الأسباب حتى غابت عني، وضللت عن الطريق، وتحيرت وغلبني العطش حتى أيست من الحياة.