ما لم أرها في العراقين، ولا في الشامات كلها.
فبينما نحن نسير من بستان إلى آخر إذ مر بنا رجل بهي الصورة، مشتمل ببردتين من صوف أبيض فلما قرب منا سلم علينا وانصرف عنا، فأعجبتني هيئته فقلت للسيد سلمه الله: من هذا الرجل؟ قال لي: أتنظر إلى هذا الجبل الشاهق؟
قلت: نعم، قال: إن في وسطه لمكانا حسنا وفيه عين جارية، تحت شجرة ذات أغصان كثيرة، وعندها قبة مبنية بالآجر، وإن هذا الرجل مع رفيق له خادمان لتلك القبة، وأنا أمضي إلى هناك في كل صباح جمعة، وأزور الإمام عليه السلام منها واصلي ركعتين، وأجد هناك ورقة مكتوب فيها ما أحتاج إليه من المحاكمة بين المؤمنين، فمهما تضمنته الورقة أعمل به، فينبغي لك أن تذهب إلى هناك وتزور الإمام عليه السلام من القبة.
فذهبت إلى الجبل فرأيت القبة على ما وصف لي سلمه الله، ووجدت هناك خادمين، فرحب بي الذي مر علينا وأنكرني الآخر فقال له: لا تنكره فاني رأيته في صحبة السيد شمس الدين العالم، فتوجه إلي ورحب بي وحادثاني وأتيا لي بخبز وعنب فأكلت وشربت من ماء تلك العين التي عند تلك القبة، وتوضأت و صليت ركعتين.
وسألت الخادمين عن رؤية الإمام عليه السلام فقالا لي: الرؤية غير ممكنة وليس معنا إذن في إخبار أحد، فطلبت منهم الدعاء، فدعيا لي، وانصرفت عنهما، ونزلت من ذلك الجبل إلى أن وصلت إلى المدينة.
فلما وصلت إليها ذهبت إلى دار السيد شمس الدين العالم، فقيل لي: إنه خرج في حاجة له، فذهبت إلى دار الشيخ محمد الذي جئت معه في المركب فاجتمعت به وحكيت له عن مسيري إلى الجبل، واجتماعي بالخادمين، وإنكار الخادم علي فقال لي: ليس لأحد رخصة في الصعود إلى ذلك المكان، سوى السيد شمس الدين وأمثاله، فلهذا وقع الانكار منه لك، فسألته عن أحوال السيد شمس الدين أدام الله إفضاله، فقال: إنه من أولاد أولاد الامام، وإن بينه وبين الإمام عليه السلام خمسة آباء