9 - أمالي الصدوق: ابن البرقي، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن عبد الله النماونجي عن عبد الجبار بن محمد، عن داود الشعيري، عن الربيع صاحب المنصور قال: بعث المنصور إلى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يستقدمه لشئ بلغه عنه، فلما وافى بابه خرج إليه الحاجب فقال: أعيذك بالله من سطوة هذا الجبار، فإني رأيت حرده عليك شديدا فقال الصادق عليه السلام: علي من الله جنة واقية، تعينني عليه إن شاء الله، استأذن لي عليه، فاستأذن فأذن له، فلما دخل سلم فرد عليه السلام ثم قال له: يا جعفر قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأبيك علي بن أبي طالب عليه السلام: لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك قولا لا تمر بملأ إلا أخذوا من تراب قدميك، يستشفون به، وقال علي عليه السلام يهلك في اثنان ولا ذنب لي، محب غال، ومبغض مفرط؟ قال: قال ذلك، اعتذارا منه أنه لا يرضى بما يقول فيه الغالي والمفرط، ولعمري إن عيسى بن مريم عليهما السلام لو سكت عما قالت فيه النصارى لعذبه الله، ولقد تعلم ما يقال فيك من الزور والبهتان، وإمساكك عن ذلك ورضاك به سخط الديان، زعم أوغاد الحجاز، ورعاع الناس، أنك حبر الدهر، وناموسه وحجة المعبود وترجمانه، وعيبة علمه، وميزان قسطه، ومصباحه الذي يقطع به الطالب عرض الظلمة إلى ضياء النور، وأن الله لا يقبل من عامل جهل حدك في الدنيا عملا، ولا يرفع له يوم القيامة وزنا، فنسبوك إلى غير حدك، وقالوا فيك ما ليس فيك، فقل فان أول من قال الحق جدك، وأول من صدقه عليه أبوك وأنت حري أن تقتص آثارهما، وتسلك سبيلهما.
فقال الصادق عليه السلام: أنا فرع من فرع الزيتونة، وقنديل من قناديل بيت النبوة، وأديب السفرة، وربيب الكرام البررة، ومصباح من مصابيح المشكاة، التي فيها نور النور وصفوة الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر، فالتفت المنصور إلى جلسائه فقال: هذا قد أحالني على بحر مواج لا يدرك طرفه، ولا يبلغ عمقه، تحار فيه العلماء، ويغرق فيه السبحاء، ويضيق بالسابح عرض الفضاء، هذا الشجى المعترض في حلوق الخلفاء، الذي لا يجوز نفيه، ولا يحل قتله، ولولا ما يجمعني وإياه