ووقفنا بباب إحدى القباب المزينة، وهي أجلها وأعظمها، وسلمنا على أمير المؤمنين عليه السلام وهو قاعد فيها، ثم عدل إلى قبة أخرى وعدلنا معه فسلم وسلمنا على الحسن بن علي عليهما السلام، وعدلنا منها إلى قبة بإزائها فسلمنا على الحسين بن علي عليهما السلام ثم على علي بن الحسين، ثم على محمد بن علي عليهم السلام كل واحد منهم في قبة مزينة مزخرفة ثم عدل إلى بنية بالجزيرة وعدلنا معه، وإذا فيها قبة عظيمة من درة بيضاء مزينة بفنون الفرش والستور، وإذا فيها سرير من ذهب، مرصع بأنواع الجوهر فقلت: يا مولاي لمن هذه القبة؟ فقال: للقائم منا أهل البيت، صاحب الزمان عليه السلام، ثم أومأ بيده، وتكلم بشئ وإذا نحن فوق الأرض بالمدينة في منزل أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام وأخرج خاتمه وختم الأرض بين يديه، فلم أر فيها صدعا ولا فرجة (1).
أقول: روى أبو الفرج الأصفهاني في كتاب المقاتل بإسناده عن عيسى بن عبد الله قال: حدثتني أمي أم حسين بنت عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين قالت:
قلت لعمي جعفر بن محمد إني فديتك ما أمر محمد هذا؟ قال: فتنة، يقتل محمد عند بيت رومي، ويقتل أخوه لامه وأبيه بالعراق، حوافر فرسه في الماء (2).
وبإسناده عن ابن داحة أن جعفر بن محمد عليه السلام قال لعبد الله بن الحسن: إن هذا الامر والله ليس إليك، ولا إلى ابنيك، وإنما هو لهذا - يعني السفاح - ثم لهذا - يعني المنصور - ثم لولده بعده لا يزال فيهم حتى يؤمروا الصبيان، ويشاوروا النساء، فقال عبد الله: والله يا جعفر ما أطلعك الله على غيبه، وما قلت هذا إلا حسدا لابني، فقال: لا والله ما حسدت ابنيك، وإن هذا - يعني أبا جعفر - يقتله على أحجار الزيت ثم يقتل أخاه بعده بالطفوف، وقوائم فرسه في ماء، ثم قام مغضبا يجر رداءه فتبعه أبو جعفر وقال: أتدري ما قلت يا أبا عبد الله عليه السلام؟ قال: إي والله أدريه، وإنه لكائن. قال: فحدثني من سمع أبا جعفر يقول: فانصرفت لوقتي