عن طريقهم ومضوا لشأنهم.
44 - وروى صاحب الدر الثمين في تفسير قوله تعالى: " فتلقى آدم من ربه كلمات " (1) أنه رأى ساق العرش وأسماء النبي والأئمة عليهم السلام فلقنه جبرئيل قل: يا حميد بحق محمد، يا عالي بحق علي، يا فاطر بحق فاطمة، يا محسن بحق الحسن والحسين ومنك الإحسان.
فلما ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه، وقال: يا أخي جبرئيل في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي؟ قال جبرئيل: ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب، فقال: يا أخي وما هي؟ قال: يقتل عطشانا غريبا وحيدا فريدا ليس له ناصر ولا معين، ولو تراه يا آدم وهو يقول: واعطشاه واقلة ناصراه، حتى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان، فلم يجبه أحد إلا بالسيوف، وشرب الحتوف، فيذبح ذبح الشاة من قفاه، وينهب رحله أعداؤه وتشهر رؤوسهم هو وأنصاره في البلدان، ومعهم النسوان، كذلك سبق في علم الواحد المنان، فبكى آدم وجبرئيل بكاء الثكلى.
45 - وروي عن بعض الثقات الأخيار أن الحسن والحسين عليهما السلام دخلا يوم عيد إلى حجرة جدهما رسول الله صلى الله عليه وآله فقالا: يا جداه، اليوم يوم العيد، وقد تزين أولاد العرب بألوان اللباس، ولبسوا جديد الثياب، وليس لنا ثوب جديد وقد توجهنا لذلك إليك، فتأمل النبي حالهما وبكى، ولم يكن عنده في البيت ثياب يليق بهما، ولا رأى أن يمنعهما فيكسر خاطرهما، فدعا ربه وقال: إلهي أجبر قلبهما وقلب أمهما.
فنزل جبرئيل ومعه حلتان بيضاوان من حلل الجنة، فسر النبي صلى الله عليه وآله وقال لهما: يا سيدي شباب أهل الجنة خذا أثوابا خاطها خياط القدرة على قدر طولكما، فلما رأيا الخلع بيضا قالا: يا جداه كيف هذا وجميع صبيان العرب لابسون ألوان الثياب، فأطرق النبي ساعة متفكرا في أمرهما.