أن عمر أرسل إلى أبي: أني أريد أن أكتب القرآن في مصحف فابعث إلي بما كتبت من القرآن، فأتاه فقال: تضرب والله عنقي قبل أن يصل إليك، قال: ولم؟
قال: لأن الله تعالى قال: " والراسخون في العلم " (1) قال: إياي عنى ولم يعنك، ولا أصحابك فغضب عمر.
ثم قال: إن ابن أبي طالب يحسب أن أحدا ليس عنده علم غيره، من كان يقرأ من القرآن شيئا فليأتني، فإذا جاء رجل فقرأ شيئا معه فيه آخر (2) كتبه وإلا لم يكتبه، ثم قالوا: قد ضاع منه قرآن كثير، بل كذبوا والله، بل هو مجموع محفوظ عند أهله.
ثم أمر عمر قضاته وولاته: أجهدوا آراءكم واقضوا بما ترون أنه الحق فلا يزال هو بعض ولاته قد وقعوا في عظيمة فيخرجهم منها أبي ليحتج عليهم بها فتجتمع القضاة عند خليفتهم وقد حكموا في شئ واحد بقضايا مختلفة فأجازها لهم لأن الله لم يؤته الحكمة وفصل الخطاب، وزعم كل صنف من مخالفينا من أهل هذه القبلة أن معدن الخلافة والعلم دوننا، فنستعين بالله على من ظلمنا، وجحدنا حقنا وركب رقابنا، وسن للناس علينا ما يحتج به مثلك، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
إنما الناس ثلاثة: مؤمن يعرف حقنا، ويسلم لنا، ويأتم بنا، فذلك ناج محب لله ولي، وناصب لنا العداوة يتبرأ منا ويلعننا ويستحل دماءنا ويجحد حقنا ويدين الله بالبراءة منا، فهذا كافر مشرك فاسق، وإنما كفر وأشرك من حيث لا يعلم كما سبوا الله (عدوا) بغير علم (3) كذلك يشرك بالله بغير علم، ورجل آخذ بما [لا] يختلف فيه ورد علم ما أشكل عليه إلى مع ولايتنا، ولا يأتم بنا