من أمير المؤمنين أنه يخرج في البرد في الثوبين الخفيفين (1) وفي الصيف في الثوب الثقيل والمحشو، فهل سمعت أباك يذكر أنه سمع من أمير المؤمنين في ذلك شيئا؟
قال: لا، قال: وكان أبي يسمر مع علي (2) بالليل فسألته قال: فسأله عن ذلك فقال: يا أمير المؤمنين إن الناس قد أنكروا، وأخبره بالذي قالوا، قال: أو ما كنت معنا بخيبر؟ قال: بلى، قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث أبا بكر وعقد له لواء، فرجع وقد انهزم هو وأصحابه، ثم عقد لعمر فرجع منهزما بالناس، (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله (4)، ليس بفرار، يفتح الله على يديه، فأرسل إلي وأنا أرمد، فتفل في عيني وقال: اللهم اكفه أذى الحر والبرد، فما وجدت حرا (5) بعده ولا بردا. وفي رواية أخرى: فنفث في عيني فما اشتكيتها بعد، وهز لي الراية (6) فدفعها إلي، فانطلقت ففتح لي، ودعا لي أن لا يضرني حر ولا قر، وروى حبيب بن أبي ثابت عن أبي الجعد مولى سويد ابن غفلة عن سويد بن غفلة قال: لقينا عليا في ثوبين في شدة الشتاء، فقلنا له: لا تغتر (7) بأرضنا هذه فإنها أرض مقرة ليست مثل أرضك، قال: أما إني قد كنت مقرورا (8) فلما بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى خيبر قلت له: إني أرمد، فتفل في عيني ودعا لي، فما وجدت بردا ولا حرا بعد، ولا رمدت عيناي (9).