الردة في عسكري وهو في أرض له، وقد ازدحم الكلام في حلقه كهمهمة الأسد و قعقعة الرعد، فقال لي: ويلك أكنت فاعلا؟ فقلت: أجل، فاحمرت عيناه وقال:
يا ابن اللخناء أمثلك يقدم على مثلي أو يجسر أن يدير اسمي في لهواته؟ - في كلام له - ثم قال: فنكسني والله عن فرسي (1) ولا يمكنني الامتناع منه، فجعل يسوقني إلى رحى للحارث بن كلدة، ثم عمد إلى قطب الرحى - الحديد الغليظ الذي عليه مدار الرحى - فمده بكلتي يديه ولواه في عنقي كما يتفتل الأديم، وأصحابي كأنهم نظروا إلى ملك الموت، فأقسمت عليه بحق الله ورسوله، فاستحيا وخلى سبيلي. قالوا: فدعا أبو بكر جماعة الحدادين فقالوا: إن فتح هذا القطب لا يمكننا إلا أن نحميه بالنار، فبقي في ذلك أياما والناس يضحكون منه، فقيل: إن عليا عليه السلام جاء من سفره، فأتى به أبو بكر إلى علي عليه السلام يشفع إليه في فكه، فقال علي عليه السلام: إنه لما رأى تكاثف جنوده وكثرة جموعه أراد أن يضع مني في موضعي فوضعت منه عند من خطر بباله وهمت به نفسه، ثم قال: وأما الحديد الذي في عنقه فلعله لا يمكنني في هذا الوقت فكه، فنهضوا بأجمعهم فأقسموا عليه، فقبض على رأس الحديد من القطب فجعل يفتل منه يمنة (2) شبرا شبرا فيرمي به، وهذا كقوله تعالى: " وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر في السرد (3) ".
ابن عباس وسفيان بن عيينة والحسن بن صالح ووكيع بن الجراح وعبيدة ابن يعقوب الأسدي وفي حديث غيرهم: لا يفعل خالد ما أمرته (4). وفي حديث أبي ذر: إن أمير المؤمنين عليه السلام أخذ بإصبعه السبابة والوسطى فعصره عصرة، فصاح خالد صيحة منكرة وأحدث في ثيابه! وجعل يضرب برجليه. وفي رواية عمار: فجعل يقمص قماص البكر، فإذا له رغاء، وأساغ ببوله في المسجد! وروي في كتاب