من لا يفر ولا يرى في معرك * إلا وصارمه الخضيب المضرب (1) بيان: قال السيد المرتضى رضي الله عنه في شرح هذه القصيدة البائية: السرى:
سير الليل كله. والمتبتل: الراهب. والقائم: صومعته. والقاع: الأرض الحرة الطين التي لا حزونة فيها ولا انهباط. والقاعدة: أساس الجدار وكل ما يبنى.
والجدب: ضد الخصب.
ثم قال: وهذه قصة مشهورة جاءت بها الرواية (2)، فإن أبا عبد الله البرقي روى عن شيوخه عمن خبرهم قال: خرجنا مع أمير المؤمنين عليه السلام نريد صفين، فمررنا بكربلاء فقال عليه السلام: أتدرون أين ههنا؟ والله مصارع الحسين وأصحابه، ثم سرنا يسيرا فانتهينا إلى راهب في صومعة وقد تقطع الناس من العطش، فشكوا ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلام وذلك أنه أخذ طريق البر (3) وترك الفرات عيانا فدنا من الراهب وهتف به، فأشرف من صومعته، فقال: يا راهب هل قرب قائمك ماء؟ فقال: لا، فسار قليلا، ثم نزل (4) بموضع فيه رمل، فأمر الناس فنزلوا، وأمرهم أن يبحثوا ذلك الرمل، فأصابوا تحته صخرة بيضاء، فاقتلعها أمير المؤمنين عليه السلام بيده ودحاها (5)، وإذا تحتها ماء أرق من الزلال وأعذب من كل ماء فشربوا (6) وارتووا وحملوا منه، ورد الصخرة والرمل كما كان، قال: فسرنا قليلا وقد علم كل واحد من الناس مكان العين، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: بحقي عليكم إلا رجعتم إلى موضع العين فنظرتم هل تقدرون عليها، فرجع الناس يقفون الأثر إلى موضع الرمل، فبحثوا ذلك الرمل فلم يصيبوا العين، فقالوا: يا أمير المؤمنين