الخلاف؟ قال: أخبرك يا أمير المؤمنين، إن هذا الدير بني على طلب قالع هذه الصخرة ومخرج الماء من تحتها، وقد مضى عالم قبلي فلم يدركوا ذلك، وقد رزقنيه الله عز وجل، إنا نجد في كتاب من كتبنا ونأثر عن علمائنا أن في هذا الصقع عينا عليها صخرة لا يعرف مكانها إلا نبي أو وصي نبي، وإنه لا بد من ولي لله يدعو إلى الحق آيته معرفة مكان هذه الصخرة وقدرته على قلعها، وإني لما رأيتك قد فعلت ذلك تحققت ما كنا ننتظره وبلغت الأمنية منه، فأنا اليوم مسلم على يديك ومؤمن بحقك ومولاك.
فلما سمع (1) أمير المؤمنين عليه السلام بكى حتى اخضلت لحيته من الدموع، و قال: الحمد لله الذي كنت في كتبه مذكورا (2)، ثم دعا الناس فقال (3): اسمعوا ما يقول أخوكم المسلم، فسمعوا مقاله وكثر حمدهم لله وشكرهم على النعمة التي أنعم بها عليهم في معرفتهم بحق أمير المؤمنين عليه السلام، ثم ساروا والراهب بين يديه في جملة أصحابه حتى لقي أهل الشام، وكان الراهب في جملة من استشهد معه، فتولى - عليه الصلاة والسلام - الصلاة عليه ودفنه، وأكثر من الاستغفار له، وكان إذا ذكره يقول: ذاك مولاي.
وفي هذا الخبر ضروب من المعجز: أحدهم علم الغيب، والثاني القوة التي خرق العادة بها وتميزه (4) بخصوصيتها من الأنام، مع ما فيه من ثبوت البشارة به في كتب الله الأولى، وذلك مصداق قوله تعالى: " ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل (5) " وفي مثل ذلك يقول السيد إسماعيل بن محمد الحميري رحمه الله في قصيدته البائية المذهبة: