لا والله ما أصبناها ولا ندري أين هي، قال: فأقبل الراهب فقال: أشهد يا أمير المؤمنين أن أبي أخبرني عن جدي - وكان من حواري عيسى عليه السلام - أنه قال: إن تحت هذا الرمل عينا من ماء أبيض من الثلج وأعذب من كل ماء عذب، لا يقع عليه إلا نبي أو وصي نبي، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وخليفته والمؤدي عنه، وقد رأيت أن أصحبك في سفرك هذا فيصيبني ما أصابك من خير وشر، فقال له خيرا ودعا له بخير، وقال عليه السلام: يا راهب ألزمني وكن قريبا مني، ففعل، فلما كان ليلة الهرير والتقى الجمعان واضطرب الناس فيما بينهم قتل الراهب، فلما أصبح أمير المؤمنين عليه السلام قال لأصحابه: انهضوا بنا فادفنوا قتلاكم، وأقبل أمير المؤمنين عليه السلام يطلب الراهب حتى وجده فصلى عليه ودفنه بيده في لحده، ثم قال: والله لكأني أنظر إليه وإلى منزله (1) وزوجته التي أكرمه الله بها.
ثم قال: ومعنى " يأتيه " أي يأتي هذا الموضع الذي فيه الراهب (2) ومعنى " عامر " أنه لا مقيم فيه سوى الوحوش (3)، ويمكن أن يكون مأخودا من العمرة التي هي الزيادة. والأصلع الأشيب هو الراهب،. وذكر بعد هذا البيت قوله:
في مدمج زلق أشم كأنه * حلقوم أبيض ضيق مستصعب والمدمج: الشئ المستور. والزلق: الذي لا يثبت عليه قدم (4). والأشم:
الطويل المشرف. والأبيض: الطائر الكبير من طيور الماء. وإنما جر لفظة " ضيق مستصعب " لأنه جعلهما من وصف المدمج. والماثل: المنتصب. وشبه الراهب بالنسر لطول عمره. والشظية: قطعة من الجبل مفردة. والمرقب: المكان العالي