آخره، فإن أرباب، لسيرة كلهم نقلوا أن مروان بن محمد قال يوم الراب لما شاهد عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بإزائه في صف خراسان: " لوددت أن علي بن أبي طالب تحت هذه الراية بدلا من هذا الفتى " والقصة طويلة مشهورة وهذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السيرة، وهي متداولة منقولة مستفيضة خطب بها علي عليه السلام بعد انقضاء أمر النهروان، وفيها ألفاظ لم يوردها الرضي رحمه الله من قوله عليه السلام (1): " ولم يكن ليجترئ عليها غيري ولو لم أك فيكم ما قوتل أصحاب الجمل والنهروان، وأيم الله لولا أن تنكلوا فتدعوا العمل لحدثتكم بما قضى الله عز وجل على لسان نبيكم صلى الله عليه وآله لمن قاتلهم مبصرا بضلالتهم عارفا للهدى الذي نحن عليه، سلوني قبل أن تفقدوني فإني ميت عن قريب أو مقتول بل قتلا ما ينتظر أشقاها أن يخضب هذه بدم؟ " وضرب بيده إلى لحيته.
ومنها (2) في ذكر بني أمية " يظهر أهل باطلها على أهل حقها حتى تملأ الأرض عدوانا وظلما وبدعا، إلى أن يضع الله عز وجل جبروتها ويكسر عمدها وينزع أوتادها، ألا وإنكم مدركوها فانصروا قوما كانوا أصحاب رايات بدر وحنين تؤجروا، ولا تمالؤوا عليهم عدوهم فيصير عليهم (3) ويحل بكم النقمة " ومنها " إلا مثل انتصار العبد من مولاه إذا رآه أطاعه، وإن توارى عنه شتمه، وأيم الله لو فرقوكم تحت كل حجر لجمعكم الله لشر يوم لهم " ومنها " فانظروا أهل بيت نبيكم فإن لبدوا فالبدوا، وإن استنصروكم فانصروهم، فليفرجن الله منا (4) أهل البيت بأبي ابن خيرة الإماء لا يعطيهم إلا السيف هرجا هرجا، موضوعا على عاتقه ثمانية (5) حتى تقول قريش: لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا، يغريه الله ببني أمية حتى