الحق بي لا أبا لك، ألا تعلم أني أهواك وأحبك؟ قال: فركض نحوه، فقال له:
إني محدثك بأمور فاحفظها، ثم اشتركا في الحديث سرا، فقال له جويرية: يا أمير المؤمنين إني رجل نس (1)، فقال: أنا أعيد عليك الحديث لتحفظه، ثم قال له في آخر ما حدثه إياه: يا جويرية أحبب حبيبنا ما أحبنا فإذا أبغضنا فأبغضه، وابغض بغيضنا ما أبغضنا فإذا أحبنا فأحبه، قال: فكان ناس ممن يشك في أمر علي عليه السلام يقولون: أنراه جعل جويرية وصيه كما يدعي هو من وصية رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: يقولون ذلك لشدة اختصاصه له حتى دخل على علي عليه السلام يوما وهو مضطجع وعنده قوم من أصحابه، فناداه جويرية: أيها النائم استيقظ فلتضربن على رأسك ضربة تخضب منها لحيتك، قال: فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام ثم قال: وأحدثك يا جويرية بأمرك أما والذي نفسي بيده لتعتلن إلى العتل الزنيم، فليقطعن يدك ورجلك، وليصلبنك تحت جذع كافر، قال: فوالله ما مضت الأيام على ذلك حتى أخذ زياد جويرية، فقطع يده ورجله وصلبه إلى جانبه ابن معكبر (2) وكان جذعا طويلا، فصلبه على جذع قصير إلى جانبه.
وروى إبراهيم في كتاب الغارات عن أحمد بن الحسن الميثمي قال: كان ميثم التمار مولى علي عليه السلام عبدا لامرأة من بني أسد، فاشتراه علي عليه السلام (3) وأعتقه و قال له: ما اسمك؟ قال: سالم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أن اسمك الذي سماك به أبوك في العجم ميثم، قال: صدق الله ورسوله وصدقت، هو اسمي (4)، قال:
فارجع إلى اسمك ودع سالما، ونحن نكنيك به، فكناه أبا سالم.
قال: وقد كان أطلعه علي عليه السلام على علم كثير وأسرار خفية من أسرار الوصية فكان ميثم يحدث ببعض ذلك، فيشك فيه قوم من أهل الكوفة، وينسبون عليا